من الصعب جدا أن تتقبل العائلة إصابة أحد أبنائها بمرض السرطان، فتتعرّض لمشاكل وضغوطات نفسية، باعتبار أن السرطان مرض خبيث يزرع الهلع في النفوس، فيبقى إخبار الوالدان أن ابنهما مصاب من أصعب المواقف على الطبيب. يتابع الوالدان طفلهما المصاب بالسرطان بكثير من الضغط والخوف، كما يستنزفان كل أموالهما في الاستشارات الطبية والعلاجات الكيميائية، والهرولة من مستشفى إلى آخر لشهور وسنوات طويلة. بكاء وانهيارات عصبية وأمر صعب تقبله يبكي الأب بدموع حارة، وتنهار الأم بمجرد سماع جملة: "ابنكما يعاني من السرطان"، جملة قاسية خاصة عندما يذكر نوع السرطان سواء كان سرطان كبد أو لوكيميا أو رئة وغيرها لأن الأمر في منتهى الفظاعة. ولا يتقبل الوالدان أمر إصابة أحد الأبناء بمرض خبيث، ولا يتعودان على الفكرة إلى آخر لحظة، ولكنهما في ذات الوقت يبذلان كل ما بوسعهما لمعرفة كل شاردة وواردة عن هذا المرض ونوعه وعن احتمالات الشفاء منه والتشبث بآخر نسبة لنجاة فلذة كبدهما. وتواجه الأم من جهتها مشاكل نفسية بداية بعدم تأقلمها مع الوضع وعدم قدرتها على التكيف مع المصيبة التي أصابتها، فمعاناة الأم "حورية" المطلقة والتي تعيش مع أبنائها الثلاثة في شقة مستأجرة لم تنتهي منذ أن أصيبت ابنتها بسرطان في رأسها وهي في سن الثالثة، ما جعل هذه الأم تنفق كل أموالها وراتبها الشهري في معالجة ابنتها التي لم تشفى حتى بعد مضي سنتين من إصابتها بالمرض، خاصة مع غياب السند والدعم النفسي، حتى أن حورية تمنت أن تموت ابنتها وهي صغيرة أفضل من أن تفقدها وهي في ريعان شبابها، وكان لها ذلك. ضرورة التكيف مع الوضع ينصح الأطباء في كل مرة يعلنون نبأ مرض أحد الأطفال بضرورة التكيف مع الوضع من أجل المضي قدما، وبهذا التكيف يستطيعان زرع التفاؤل في نفس الطفل المريض الذي يبقى غير واع لحالته الصحية ومدى خطورتها، إذن بهذا الدعم الاجتماعي يتعايش الطفل مع مرضه حتى لا يصاب بضغوطات نفسية خاصة بعد المواعيد المكثفة عند الأطباء المختصين، وكذا حلقات العلاجات الكيميائية التي تكون صعبة على الكبار فكيف للصغار؟. وبالتالي مع القوة والدعم الداخلي للطفل والتخفيف عن آلامه سيمكنه ذلك من تجاوز بعض من المشاكل النفسية التي يمكن أن تعترضه . لابد من تثقيف طبي للوالدين وفي اتصال مع الأخصائية النفسية "فريدة.ح" أكدت بأن تلقي خبر مرض أحد الأبناء بمرض السرطان الفتاك أمر صعب للغاية، ولا يمكن تقبله وتجرعه، إلا أن الوضع يستلزم الشجاعة، لأن الطفل سيكون في حاجة إلى والديه أكثر من ذي قبل، فأم الطفل المصاب مهما كان مستواها هي الشخص الأول الذي يحتاج إلى المعلومات، والدعم التي تساعدها على التكيف مع مرض ابنها والأب كذلك، لأن المشوار سيكون طويلا لذلك من الأفضل أن يكونا معا ودائما. محمد بن حاحة