إعلامية فلسطينية قبل أيام شهدت شوارع فنزويلا إعتصاما لمئات من أبناء الشعب الفنزويلي قد يحق لمن يشاهده أن يُطلق عليه إسم "إعتصام الوفاء"، لم يكن إحتجاجا أو نقصا يطالبون بتعويضه ولا تأيدا لأحدٍ ضد آخر أو إعتراضا على شيء ما، بل كان فقط للدعاء بصوت واحد وقلب واحد للرئيس الفانزويلي هوجو تشافيز بالشفاء والتوفيق. لستُ بصدد مقارنة الرئيس الفنزويلي بالرئيس الفلسطيني، والأمنيات لِذاك بالأمنيات "على هذا"، والظروف بالظروف، إنما بصدد إيصال رسالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس مفادها "أنه لو قرر الشعب الفلسطيني مطروح منه مؤيديكَ العميان مضاف إليه تقصيرك بحق مطالب شعب هَرَعتَ إلى العالم من أجل الحصول على دولة وكرسي أكثر راحة لك، وعدت لنا بصك جديد لأحلامنا التي هَرِمَت على أعتاب إهمالك لها، وإحتياجاتنا التي لم تحصل عليها سوى نخبتك، وفلسطيننا المبتورة بحادث سياسي يقتضي رفع أسهم إنجازات السلطة أمام شعب يطرب للتصفيق مقابل خفض أسهم المقاومة التي حققت نصرها المشرف في الحرب الأخيرة على غزة، إقتضت السياسة أن تُظهر إسرائيل للعالم رفضها لدولة عباس وخلف الكواليس ستبارك لعباس إنجازه في تضليل الشعب بوهم دولته التي يحاول مساوتها بإنجاز المقاومة، والدليل ذلك التصفيق الأهبل لعدد كبير من أبناء الشعب في يوم حصولنا على دولة فلسطين التي لا زالت مُحتلة، لو قرر الشعب الفلسطيني تجميع دعواته لتلقت السماء ملايينا من الدعوات عليك أيها الرئيس. هذه الدعوات ليست من فراغ، فعلى هامش الدولة نقول لك إتقِ الله فينا، إتق الله في فلسطيننا، وفي مستقبل شبابنا – وهنا صلب موضوعي -، وبما أنك حصلت على دولة فعليك أن تتحمل مسؤولية أفرادها لا أن تتجاهلهم وتهينهم في سجون أجهزتك الأمنية وتُبقِي الآفا منهم في سجون عدوٍ كنتَ بارعا في مصافحته، حتى أنك لا تسأل عن أسرى يوشكون على الهلاك. على هامش الدولة هناك عشرات من الشباب إعتصموا أمام مقر رئاسة الوزراء مطالبين بالنظر إليهم على أنهم أبناء هذه الدولة لا أعدائها. بالله عليكم! ما ذنب هؤلاء أن يُسلب حقهم في الوظيفة ويُغض البصر عن كفائتهم وتفوقهم وعقولهم المؤهلة لصنع أجيالا لا تصفق لأنصاف الحلول ولا تبتسم إلا للنصر، ولا تحتفل بحثالة الإنجازات، هؤلاء الذين تحرمهم وحكومتك من الوظيفة ستُسأل عنهم يوم القيامة – هذا إن أوجعكَ التفكيرُ بالقيامة -. بعدما أسستُ دولتكَ بالتنازل، قررتَ أن ترممها بالظلم أنتَ وفياضكَ وأجهزتك اللأمنية، وزينتها بتجاهل قرارات القضاء والتي جائت متأخرة ككل جميل منكم، فقط لأن هذا المعلم ينتمي لفصيل لا يروق لك، وذاك يفكر بطريقة لا تُعجب السلطة، وآخر كَتَبَ ضده أحد المعاتيه "أقصد المناديب" تقريرا لا أساس له من الصحة ليحولوا كل قدراته ومواهبه وحقوقه إلى نقطة سوداء في ملفاتهم الغبية، وبسببها يُحرم من حسن السيرة والسلوك وربما يُمنع من السفر. بعض المزاودين سيقول لي لقد أعادت السلطة عددا لا بأس به من المفصولين من عملهم لأسباب سياسية ولا أنكر أنها خطوة احترمتها، لكن لا بد أن يفهم القارئ بأن مشكلتنا لا تكمن فقط بالأساتذة الذين فصلوا من وظائفهم بقرار مكتوب أو تصريح علني شفهي، بل مشكلتنا بإقصاء الآف الشباب والشابات –لأسباب سياسية- وحرمانهم من حقهم بالوظيفة بسبب الفحص الأمني الذي خدعونا دوما بأنه إنتهى وأن المؤسسات لم تعد تعمل به وهو السبب في رفض المتقدمين لمختلف الوظائف الحكومية والخاصة أحيانا، وهذه الكذبة الساذجة لن نصدقها لأنها تُطبق علينا ولكن من خلف الكواليس، فعلى سبيل المثال شخصيا أعرف عددا كبيرا من المعلمين الذين تقدموا لإمتحان التربية والتعليم وحصلوا على مراتب متقدمة لكنهم حرموا من حقهم بالوظيفة وتقدم عليهم من هم أقل كفاءة وتفوق، أذكر من بينهم عمر أبو ليل من مدينة نابلس وعوني كميل -ترتيبه الأول على المديرية- وبراء بني عودة وأيمن قواريق الذي إعتصم وزملاءه أمام مقر رئاسة الوزراء وأضرب عن الطعام أكثر من أسبوع. سئمنا من الكذب والدجل وسلب الحقوق والظلم، سئمنا من دفع ثمن الإنقسام، سئمنا من كوننا قربانا لحماقات الأجهزة الأمنية، إلى ماذا تدفعونا؟ إلى التفكير بالرحيل والهجرة من هذه البلاد! إلى الوصول إلى نتيجة مفادها أن الوطن أصبح أقسى علينا من الأعداء! لماذا لا يقدرون خبراتنا وقدراتنا ومواهبنا وتفوقنا! إن كانت الحرب بالأساس ضد الإحتلال فلماذا يحاربوننا في لقمة عيشنا ويقطعون أرزاقنا في الوقت الذي يترتعون فيه على خيرات الوطن. على هامش الدولة أستغرب بأنني لا أرى الأمن فيها على أصوله إلا عندما نتقدم لوظيفة ما، ويا "نكسَتُكَ" إن كنتَ صحافيا، فبالإضافة إلى نبشهم لماضي قلمك فإنهم يحولوكَ مِن كاتب ومُبدع جدير بالإحترام إلى إرهابي يجب الحذر منه والتجسس عليه ومنعه من العمل حتى لا ينشر أفكاره المسمومة، بنظرهم محاربة الفساد ما هي إلا مسامير تُدق في نعوش طغيانهم، لذا إن لم تكن منكَ مبادرة "صمت إلى حين" سيحولوا وطنك لسجن من خيبة ولن يمنحوك حقك إلا بتأشيرة رضا منهم، ويغيب عن بالهم بأن الله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، هو الرازق وهو الذي نتوكل عليه، فالفكر يبقى كما هو، لا يهشمه نقص ولا تودي به حاجة. على هامش الدولة أود إخباركَ أيها الرئيس ببعض القصص قد تعتقد بأنها نكتة، لكنها حصلت وفي دولتَك، مدير إحدى المدارس في الخليل أصبح بائع بليلا أمام مدرسته التي كانت يوما ما تحت إشرافه، وهناك عدد من الصحافيين يعملون في الزراعة أو أصبحوا سائقي تاكسي على خط جامعة كانوا يدرسون فيها، أصابهم فايروس الحقيقة وأصبحت كلماتهم لكمات تنزل على وجوهكم وها هم يدفعون ثمن تفوقهم والحقيقة التي يدافعون عنها. هناك طلاب يحملون شهادة الماجستير والدكتوراه ولا يجدون عملا في وطنهم، عقول رائعة وشخصيات متميزة حُرمت من العمل فقط بسبب موقف سياسي جريء تجاه ممارسات السلطة، منهم من إمتهن حرفة وعلق شهادته على الحائط، ومنهم من لا زال يأخذ مصروفه من والديه، ومنهم من طفح كيله وأصبح بطلا للبطالة كما حصل مع الشباب الذين قرروا أن يأخذوا حقهم بالإعتصامات والإحتجاجات. أبطال البطالة لا يطلبون صدقة أو مِنة، هم فقط يريدون حقهم، لا يريدون تكريمهم أو التكرم عليهم، وعلى هامش الدولة أيها الرئيس، عليكَ أن تتحمل مسؤولية هؤلاء المظلومين، عليك أن تساندهم لا أن تستند عليهم، هم لا يملكون سوى أحلامهم، وثمن أحلامهم قليل جدا في سوق نخاستك السياسية، لكنه باهظ عندما يتعلق الأمر بتجريدهم منها. جلال الدين الرومي تساءل قائلا:" أتعرف ما هي أشد الأشياء إيلاما للروح؟؟ أن تغادر الدنيا قبلما تعرف جوهرها، وهو الحق" هل عرفتَ الحق أيها الرئيس! إسأل روحك فربما لا زالت تؤلمك.