تتزايد حالات التشوهات الخلقية بين الجزائريين، سواء التي تأتي مع الولادة أو التي يتعرض لها الفرد في حياته، ومما يزيد من معاناة هذه الفئة ، هو نقص الهيئات المتكفلة بهذه الحالات ، بغض النظر عما تتعرض له من نظرة الغير المنتقصة لهم ، و ما ينجر عنها من عقد نفسية . محمد بن حاحة تعتبر التشوهات الخلقية من الأمراض الجلية للآخرين ، و التي و إن لم يكن لها ألم فإنها تسبب عقدا نفسية للمصاب بها بسبب تفكيره في نظرة الغير له ، و تأتي معظم هذه التشوهات عند الولادة ، و التي قد تصيب أيا من أعضاء الجسم كالمخ أو الأطراف أو الوجه أو الجهاز التناسلي أو القلب على سبيل المثال لا الحصر. و للتشوهات الخلقية أسباب أخرى كالعوامل الوراثية و الجينية و أخرى تأتي لأسباب خارجية ، كبعض حالات الإعاقات التي يتسبب فيها أطباء التوليد أثناء قيامهم بالعملية القيصرية ، أو غيرها من الأخطاء الطبية، و منها ما يأتي بسبب التلوثات البيئية، و التي تعتبر شديدة الخطورة. ولا يخفى على الجميع لما لعلاج هذه التشوهات و الإعاقات الخلقية من فائدة مهمة ، تعود إيجابا على التنمية الوطنية و العالمية، غير أن الكثير من البلدان النامية على غرار الجزائر لا تملك حتى الآن إحصائيات دقيقة لعدد هذه الحالات و أنواعها ، حتى يتمكنون من تطويقها و التحكم فيها . يؤكد العديد من الأطباء و أخصائيي جراحة التشوهات الخلقية، على أن فئة الأفراد الجزائريين التي تعيش بتشوهات خلقية لم توفى بعد حقها من الاهتمام، حيث لا زالت تنقص الجزائر سياسة ناجعة تضمن التكفل الحسن بهؤلاء المرضى، و لا يكون ذلك إلا بالتعرف جيدا على هذه الحالات، فهذه تعتبر الخطوة الأولى و الأهم لرعاية هذه الفئة و التكفل بها، و التي لن يتسنى تحقيقها إلا بوضع جهاز مراقبة و إحصاء لمجمل حالات التشوهات الخلقية و نسبها ، و هذا هو المعمول به في الغرب، أين يسمونه "سجلات مراقبة الأمراض"، ما قد يسمح بالتعامل مع هذه الحالات بطريقة منهجية مخططة و صحيحة. و أشار الأخصائيون على هامش ملتقى عقد مؤخرا بمدينة مسيلة حول " التشوهات الخلقية واستعجالات أمراض الشرايين" ، أن المشكلة التي يواجهها الجزائريون بكثرة ،هي أن معظم المستشفيات و أهمها مرتكز في العاصمة ، في حين لا توجد في باقي الولايات مستشفيات متخصصة في علاج التشوهات الخلقية ، فيضطر سكان المدن النائية للتنقل كل تلك الكيلومترات و قطع كل تلك المسافات من أجل العلاج بالعاصمة، و لهذا يجب الإهتمام قبل كل شيء ببناء مستشفيات جهوية مختصة في علاج هذه الأمراض و التشوهات ، و التي يجب أن تكون مجهزة بكل ما يلزم من مصالح طبية ، و من جهة أخرى يجب الاستثمار في العامل البشري، بتكوين عدد من الأطباء المتخصصين في هذا المجال، و الذين سيضمنون إجراء عمليات جراحية لتسوية هذه التشوهات الخلقية ، سواء التي تأتي مع الولادة أو التي تطرأ بعد الولادة، فالجزائر مفتقرة لدرجة كبيرة لهذه التخصصات المهمة. و على الجزائر أن تهتم أيضا بإنجاز الدراسات العلمية المكثفة حول هذه الأمراض، و ما لها من علاقات تتسبب فيها ، كالملوثات البيئية و غيرها، و التي من شأنها تمكين الأطباء من علاج هذه الحالات بسهولة و من دون أي مخاطر أو تخوفات من تعقيداتها و التقليل من نسبة الإصابات، و حتى الوفيات الناتجة عنها. إعاقات و عقد نفسية تسببها التشوهات الخلقية ، يصعب على كل من الطفل و الكبير العيش بها ، و يفقد المصاب بها كل أمل في العلاج ، خاصة إن لم تحز هذه الأمراض على الاهتمام التام للسلطات المعنية، و التي يقع على عاتقها تسخير ما يلزم من إمكانيات مادية و طاقات بشرية مكونة للتقليل من هذه التشوّهات.