أكد الناقد المسرحي إبراهيم نوّال ، أن المرجعية و الإيديولوجية الثورية التي كانت تميز الخطابات المسرحية لعبد الحليم رايس ، ساعدته على إيصال رسائله إلى الجمهور العربي و العالمي من خلال دلالات ورموز كان يوظفها في أعماله و ذلك بهدف التعريف بالقضية الجزائرية التي كانت تشكل صلب إهتمامته. و أوضح إبراهيم لدى استضافته أول أمس بفضاء صدى الأقلام رفقة الممثل كمال الرويني لتقديم قراءة نقدية لمسرحية "أولاد القصبة" لعبد الحليم رايس المدعو بوعلام، أن عبد الحليم رايس إستطاع من خلال رمزيته إلى تحليل الوضع الجزائري من خلال أسرة، حول من خلالها أن يعطي نموذجا عن العائلات الجزائرية و الواقع التي كانت تعيشه في ظل الاستعمار، و أضاف المتحدث أن أكثر ما يميز كتابات رايس المسرحية أنها تعليمية ذات إيديولوجية سياسية واضحة المعالم أكثر مما هي فرجوية كما هو معمول به في مختلف المسارح العربية و العالمية، هذا دون إهماله للجانب الجمالي والفني، يستلهمها من الواقع المعاش في سياق أخر أكد المتحدث أن مسرحية أبناء القصبة تعد من أعمال عبد الحليم رايس و أنها شكلت مسار جديد في تاريخ الثورة الجزائرية و قد كتبها في ظروف استعجالية سنة 1958 حاول من خلالها تجسيد عظمة الثورة التحريرية، و تشخيص صورة التضحيات والقيم البطولية التي كان يبذلها الشعب الجزائري من خلال عائلة "عمي حمدان"، المكونة من خمسة أشخاص، حاول من خلال كل شخصية ترجمة بطولات شريحة كاملة.من المجتمع فمسرحية "أبناء القصبة" يقول نوّال "ليست مجرد حكاية عائلة تحملت ثقل الثورة التحريرية، وشاركت فيها، بل إنها حكاية وطن و شعب يتلمس ويكافح الاستعمار حالما بفجر الحرية والاستقلال"، كما للمؤلف يضيف نوال مسرحية "الخالدون" التي أنتجت في أفريل 1960 وقام بإخراجها مصطفى كاتب وهي مسرحية تصور مشاهد حية من قلب المعارك التي يخوضها جيش التحرير الوطني، هذا إلى جانب مسرحية "دم الأحرار" التي أنتجت سنة 1961 وهي عمل مسرحي حاول من خلاله عبد الحليم رايس تجسد القيم والمبادئ العليا لثورة التحرير الجزائرية، و رسم معاناة المجاهدين في الجبال أيام المقاومة المسلحة، وقناعة الثوار بالاستمرارية الثورية إلى غاية نيل الاستقلال والسيادة الوطنية،مشيرا في سياق ذاته أن أغلب أعمال رايس ترجمة إلى لغة الروسية و هذا ما هو إلا دلالة على عبقرية المؤلف في تجسيد عمق الواقع. في سياق أخر أكد نوّال إبراهيم أن رايس هوأول من كتب للفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني و أنه كان دائما يربط بين المسرح و الاستعمار بحثا و نضالا منه لنيل الاستقلال، و كان يهدف من خلال أعماله إلى التعريف بالقضية الجزائرية و اطلاع شعوب العالم بالكفاح الذي يخوضه الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي،و أنه قام بزيارات إلى عدة دول عربية و غربية ذكر منها الاتحاد سوفياتي، الصين الشعبية، كرواتيا، البوسنة، صربيا، العراق، لبيا، المغرب ، بالإضافة إلى تونس، و بخصوص تونس أشار المتحدث إلى واقعة تأثير مسرحية "أبناء القصبة" على مشاهديها و قال "إن في إحدى الجولات بالمنطقة الحدودية بين تونس و الجزائر، قامت الفرقة بعرض المسرحية أمام عدد كبير من الجنود، و كان عليهم في تلك الليلة اجتياز خط موريس، و بما أن مدير الفرقة كان يدرك تأثير المسرحية، فقد طلب من القائد العسكري أن يأمر جنوده بنزع الرصاص من أسلحتهم و ذلك تفاديا لوقوع أي حادث"، و الأمر ذاته أكده الفنان "طه العامري"، و الذي أشار هو الآخر أن رايس كان هو الكاتب الوحيد للفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني و أن اهتمامه الأول و الأخير كان مواجهة الاستعمار، و أن لولاه يقول طه العامري لما ظهرت هذه الفرقة إلى الوجود". نسرين أحمد زواوي