أكد حقوقيون أن تفشي ظاهرة الفساد الإداري بالجزائر، جاءت نتيجة لسياسة اللاعقاب التي أصبحت تغري كل من يريد أن يكسب أموال طائلة بدون مراقب، و أشاروا إلى ضرورة منح الاستقلالية التامة للقضاء وأجهزة الرقابة كلها في أقرب الآجال حتى يستطيع لهذه الأخيرة الحد من ظاهرة الرشوة والفساد في المجتمع الجزائري وأوضح المحامي، محمد بورايو، في تصريحات له على التلفزيون الجزائرية أن الجزائر أصبحت تغرق في نوع خطير من الفساد الذي أصبح يمس النخبة من المجتمع ، حيث طالت الاتهامات بالفساد عدد كبير ممن تولوا المسؤولية في السنوات العشرة الأخيرة و كانت بعض الاتهامات معززة بالشواهد و القرائن والبعض الأخر معزز بالإشاعة والأخذ بالريبة، وأكد في سياق متصل أن تفشي هذه الظاهرة ليس منبثق من نقص القوانين لأن المشرع الجزائري غير من 1970 حوالي 8 مرات، بل سياسة اللاعقاب هي التي شجعت أطراف أخرى على التفنن في الفساد، و شبه المحامي الفساد "بالرياضة الوطنية التي أصبحت تخص النخبة". وفي ذات الصدد و في سؤاله عن ما إذا كان القاضي مؤهل للفصل في مثل هذه القضايا قال المحامي:" في حقيقة الأمر العدالة تعطي كل الصلاحيات للقاضي للفصل في مثل هذه القضايا، لكن للأسف القاضي الجزائري ليس حرا و عندما يتخذ قرار يمكن أن يحاسب أو يقال من منصبه خصوصا فيما يخص القضايا الثقيلة التي تخص النخبة ممن يتولون المسؤولية في البلاد"، و في سياق متصل أوضح المحامي بورايو، أن هناك عدة ميكانيزمات يمكن الاعتماد عليها لمواجهة ظاهرة الفساد في الجزائر التي انتشرت بصورة مفاجئة و تتعلق أساسا بالاستقلالية التامة للعدالة حتى تتحرك بسرعة في حالة وجود شبهات بشأن تبديد المال العام، كما اقترح تطبيق عقوبات صارمة ضد كل شخص يثبت تورطه في قضايا الرشوة والفساد مهما كان منصبه ووزنه في المجتمع، و أشار إلى أهمية تفعيل دور البرلمان في حماية المال العام والمساهمة في عملية مكافحة آفة الرشوة والفساد، و في هذا الصدد اقترح منح صلاحيات واسعة لأعضاء لجان التحقيق البرلمانية للتحري في قضايا الفساد وتوفير الحماية الكاملة لهم، مشيرا الى أهمية جعل تقارير هذه اللجان إلزامية للحد من الدفع نقدا لمجابهة الرشوة. ومن جهته قال المحامي، علي مزيان، "إن الفساد وصل إلى قمة الهرم في الدولة"، وأضاف " للأسف أصبحت ظاهرة الفساد ثقافة مكرسة في المجتمع الجزائري "، حيث أصبح المواطن الجزائري يخشى التبليغ عن قضايا الفساد التي أصبحت تخص كبار المسؤولين، الشيء الذي جعله يفقد الثقة في كل مؤسسات الدولة، و أبرز المحامي أن الوقاية من هذه الآفة يتطلب وجود رقابة "قبلية وبعدية" من طرف أجهزة الرقابة التي نص عليها الدستور إلى جانب مشاركة المجتمع المدني وكذا الصحافة بكل أنواعها للكشف و فضح الفساد الذي أصبح ينخر جسد الاقتصاد الوطني ويعبث بثروات الأمة التي كان من الأجدر أن توجه إلى مشاريع تنموية تعود بالفائدة على الشعب والوطن. وبدوره أوضح رئيس نقابة القضاة، جمال العيدوني، أن قضية محاربة الفساد قضية وطنية، تتحقق بتحسيس المجتمع بضرورة حماية وصيانة المال العام والاعتماد على الكسب المشروع والابتعاد عن الفساد بكل أشكاله، وأكد على ضرورة منح الاستقلالية التامة للقضاء حتى يستطيع القاضي معالجة القضايا بكل موضوعية و حياد ، دون أن يقال من منصبه أو يتعرض لأي نوع من العقاب، مشيرا أن استقلالية هذا الأخير تسمح للقاضي أن يكون حرا في قراراته حتى تكون له سرعة للفصل في الملفات و تسليط العقوبات على الجناة. بشرى.ساجي