صرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله أول أمس بغليزان أن إحياء وتثمين تراث علماء الجزائر وسيلة لمحاربة التعصب والتطرف وظاهرة فوضى الإفتاء. وأوضح الوزيرخلال إشرافه بدار الثقافة لغليزان على افتتاح الملتقى الوطني الأول حول الشيخ مصطفى الرماصي وأعلام غليزان قائلا إن "إحياء تراث علماء الجزائر على غرار الشيخ الرماصي هو بمثابة حصن منيع يحول دون السقوط في مغبة فتن التطرف والتعصب ويقي المجتمع من إستهلاك الفتاوي الخاطئة التي لا تنسجم وجذورنا الإسلامية العميقة ومعالم مذهبنا المالكي ". وأبرز في هذا الصدد أن "فتاوي المشارقة والمذاهب الأخرى ليست جديرة بحل مشكلاتنا وقد تضل طريقنا " لافتا إلى أنه " يمكننا أن نتعلم المنهج ولا نأخذ المحتوى شأنه شأن موضوع تعلم مناهج العلوم الأوروبية وغيرها من الحضارات ". وأضاف غلام الله أن "الإستثمار في تراث ومآثر علمائنا الأجلاء عبر القرون الخالية وما تركوه من رصيد فكري يجعلنا في مأمن من الحركات الفكرية التي تهب كل مرة على المجتمع من أجل تمزيق هويته ". وأشار في هذا الصدد إلى أن "تثمين تاريخ علماء الجزائر قادر على صد ظواهر غربية متعددة مثل التشيع والتنصير والتكفير وعقائد فاسدة كثيرة. كما أن الشعوذة -يقول الوزير- هي "إحدى الظواهر التي غذاها الجهل بتراثنا العميق والأسس الفكرية الصحيحة التي أوجدها علماء تاريخ الجزائر والتي سنعمل على إحيائها للوقاية من مثل هذه الظواهر". ومن جهة أخرى ذكر أن هذا التراث هو حق الأجيال المتلاحقة لهذه الأمة حتى تواجه مشاق تنمية حاضرها مثلما كان الشأن برواد المقاومة الجزائرية إبان الاستعمار وارتباطهم بتراث بلدهم الذي سمح لهم بمواجهة قوى الاستدمار ومكافحة إرادة طمس الهوية الجزائرية . وكان الوزير قد أفاد في مستهل كلمته بأن شخصيات كثيرة من علماء الجزائر على مر القرون أمثال الشيخ الرماصي تكاد تنسى في ظل نقص الإجتهاد في إحياء مناقبهم وأفكارهم ونشرها والتعريف بها للأجيال. ويأتي هذا الملتقى-حسب وزير الشؤون الدينية والأوقاف- من أجل نفض الغبار على أحد عناصر الموروث التاريخي الوطني لدراسة محتواه واستخراج أحكامه واستغلالها في تنمية الفكر الحاضر. ويشارك في هذا اللقاء الذي حضر افتتاحه كل من ولاة غليزان والشلف وعين الدفلى نخبة من المشايخ والفقهاء والباحثين في علوم الفقه والشريعة الإسلامية من شتى مناطق البلاد. ويتدارس المشاركون في الملتقى الذي ينظم على مدار يومين تحت شعار"الاجتهاد والتصوف" عدة محاور منها "من تاريخ غليزان الثقافي والسياسي" و"حاضرة مازونة وأصولها العلمية والفقهية" الى جانب "قراءة في تراث الشيخ الرماصي ". ويعد الشيخ مصطفى الرماصي القلعي نسبة لبلدية القلعة الواقعة غرب ولاية غليزان (1632-1724) فقيها وعلامة وقد اشتهر بالتحقيق والتحرير في مسائل الدين بعد أن تتلمذ على يد شيوخ المالكية . يذكر أن د أبو عبد الله غلام الله قد زار على هامش الملتقى الذي ينظم في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية معرضا يضم جناحا حول مخطوطات تاريخية قديمة لعلماء المنطقة إلى جانب نماذج عن مشاريع تم تجسيدها بالولاية في إطار القرض الحسن.