ذكر الباحث بومدين بوزيد أن الغرض من الملتقى الذي تنظمه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حول العلامة الشيخ مصطفى الرماصي، يومي 10 و11 جوان الجاري بمدينة غليزان، يتمثل في تقديم إسهامات العلماء الجزائريين، وتأثيرهم على الثقافة العربية الإسلامية. وأضاف بومدين بوزيد، منسق الملتقى، أن الشيخ الرماصي عرف بإسهاماته التي تعتبر اليوم مرجعا محليا مهما. ما الهدف من تنظيم ملتقى حول الشيخ الرماصي؟ - نسعى من خلال أعمال ملتقى الفقيه مصطفى الرماصي وأعلام المنطقة الذي سيقام بدار الثقافة يومي 1011 جوان 2013بغليزان، إلى تقديم تعريف بحياة وآراء وآثار شخصيات علمية وصوفية شكّلت مرجعا وإلهاما روحيا ومصدر استقرار اجتماعي بفضل فضّ النزاع وإصلاح ذات البين، وبعضها كان رمزا للمقاومة والتحرير، ويركز هنا على هذا الفقيه الملقب ب”المذهب”، لكونه اشتهر بشرحه الاجتهادي على مختصر خليل في الفقه. امتاز بمناقشة بعض فقهاء مصر كالشيخ عبد الباقي الزرقاني والخرشي وأحصى غلطات الأخير، ونقل المترجمون عنه قوله: “شرحا الزرقاني والخرشي لا نكترث بهما في بلادنا الراشدية (معسكر وغليزان) لعدم تحقيقهما، وعمدتهما كلام الأجهوري وهو كثير الخطأ”. يعرف عن الشيخ الرماصي أن صيته بلغ علماء الأزهر، ثم لفه النسيان، لماذا؟ - فعلا، فقد استشهد به الدسوقي المصري في شرحه بالإشارة إليه بلفظ “طفى” تصغيرا لمصطفى، واعتمدت نصوصه مقررات تعليمية في الأزهر الشريف وفي فاس والزيتونة، وقد سطع نجمه في نهاية القرن السابع عشر وقبله اشتهر بالمنطقة أبو زكريا المازوني صاحب “الدرر المكنونة في نوازل مازونة” ومؤلف موسوعة المعيار الفقهية للونشريسي والشيخ الصوفي سيدي محمد بن عودة. لقد كان هؤلاء مراجع للمشارقة والمغاربة، ولكن للأسف لم نستطع الإبقاء على تلك الجذوة المتوهجة من الاجتهاد والتفوق لعوامل تاريخية، ولعلّ بمثل هذه اللقاءات وطبع أعمال علمائنا واستثمار وسائط الاتصال الجديدة في نشر ما أبدعته قريحتهم، يدرك شباب الجزائر اليوم أن “انبهارهم وولعهم بكلِّ ما هو مشرقي أو حجازي يفقدهم التواصل مع تراثهم وخصوصيتهم المغاربية”. وهل يسير هذا الملتقى على خطى تظاهرة مماثلة حول الشيخ التباني التي جرت بسطيف؟ - نعم، لقد سبق للوزارة منذ بداية هذه السنة، تنظيم ملتقى سطيف والاهتمام بشخصية علمية جزائرية “محمد العربي التباني” مدرس مدرسة الفلاح بمكة، وقد تخرج على يده عدد من العلماء والفقهاء وبقي متمسكا بخصوصيته الجزائرية مذهبا وثقافة، ورد على الوهابيين في عدد من كتبه، كما أقيم بأولف في أدرار، ملتقى عن الشيخ الباي بلعالم الذي يعتبر مجتهدا ومجددا، وأغنى المكتبة الجزائرية. إن مثل هذه اللقاءات العلمية مسعاها تعريف الشباب الجزائري بتراث أجدادهم ولفت انتباههم إلى أنّ هويتهم وخصوصيتهم تكون مصدر إبداع واعتزاز حين تنفتح على الثقافات الأخرى، ولا نكون اتباعيين فنسقط في مزالق التطرف والانحراف الفكري والتقليد.