يحلم الكثير من الرجال بالزواج، فهم يرون فيه نعمة من الله تعإلى فهو يؤمّن لهم الاستقرار والطمأنينة، ولكن الكثير منهم أيضا يندمون على هذه الخطوة التي قاموا بها في ظل المسؤوليات التي تثقل كاهلهم هذه الأخيرة تقتل أحلامهم، لذلك يقولون أن المرأة تبكي قبل الزواج، في حين يبكي الرجل بعده، وإن الرجال يحلمون قبل الزواج ويستيقظون بعده. زينب.ب أغلبية الرجال يحلمون بأمور كثيرة قبل الزواج منهم من تكون أحلامهم مادية بحتة، وآخرون يحلمون بالاستقرار النفسي والعاطفي والاجتماعي لكن، ثمة أحلام كثيرة أُخرى تبقى معلقة في أذهان الشباب بعد الزواج، كاقتناء سيارة ومصاحبة النساء والسهر، وغير ذلك من الأمور. فما الأحلام والرغبات التي يقضي عليها الزواج؟. حميد يغير عمله، رضا يحلم بمحله الخاص، وعيسى يكره المسؤوليات يؤكد "حميد"، 45 سنة ممرض بأنه لو كان عازبا اليوم سيغير مهنته المضنية والتي لا تؤمن له ما يكفي عائلته، هذا بالتحديد ما يرغب حميد في تغييره، لو كان غير متزوج، فيقول: "أنا ممرض بسيط متزوج منذ 16 سنة، وعندي ثلاثة أولاد كما أنني سئمت هذه المهنة التي لا تدر أموالا، وأود لو تتاح لي الفرصة لممارسة مهنة أُخرى أقل تعبا وشقاء وأكثر منفعة، غير أن تكوين الأسرة والانشغال بمتطلباتها، من الأسباب التي جعلتني لا أجرؤ على القيام بمثل هذه الخطوة. وهل من الممكن أن يتمنى المرء العودة إلى الوراء، للقيام بهذه الخطوة؟، متسائلا، ليعود ويجيب بنفسه بسرعة عن هذا قبل أن يخونه تفكيره، يقول: "لو عدت إلى الوراء لفكرت في هذه الزوجة الصالحة، وهؤلاء الأولاد الذين هم أجمل هدية من الله تعإلى". أما "رضا"، 38 سنة يعمل أجير عند أحد أصحاب محلات بيع القماش، فيقول أن حلمه الوحيد هو حصوله على محل خاص به يبيع فيه ما يشاء، بالتحديد يريد رضا محلا لبيع الملابس باعتباره أصبح يفهم فيها كثيرا، ولكن الظروف لم تساعده أبدا فوالدته لم تتركه حتى زوجته، حيث تفرغ لمسؤوليات أخرى أكبر خاصة بعد أن رزق بتوأمين. أما "عيسى"، عامل بشركة، فيقول: "كنت لأغير أسلوب حياتي بالكامل، لو أنني غير مسؤول عن زوجتي وابني"، كما أن الزواج مجموعة من المسؤوليات" ويلفت إلى أنه لهذا السبب، هناك أحلام كثيرة تتوقف عنده بهدف التفرغ له وإنجاحه. ويضيف: "كنت أتمنى أن أصبح تاجرا كبيرا لو بقيت عازبا ولكن، حفظ الله أسرتي فهي الآن أعز من كل شيء عندي". النساء أهم شيء كنت سأخرج كل يوم مع فتاة جديدة، ما إن تفوه "طارق" بهذه العبارة، حتى حاصرته نظرات الحقد من زوجته التي كانت تتأبط ذراعه، وتشد بقوة معلنة عن وجودها، فيتدارك زلة لسانه قائلا: "أنا أمزح يا عزيزتي" ويضحك، ولكنه يتناسى من جديد وجود زوجته التي ارتبط بها منذ 8 سنوات أنجب منها طفلين رائعين، ليعود ويكمل حديثه قائلا: "النساء والجنس، من أهم الأمور التي تشغل بال الرجل المتزوج وغير المتزوج، ومن لا يوافق على هذه الحقيقة، إنما يختبئ وراء إصبعه، ولكنني لا أقوم بأمور سيئة كرب الأسرة المحترم، وأصلح ما تفوه به، "التفكير في النساء حكر على الرجل العازب، وهذا من حقه، أما بالنسبة إلى المتزوج فهو مرتبط ورباطه مقدس". جمال يحب المظاهر والزواج لم يقيده أما "جمال"، طبيب عام وفي مستشفى عام يعتقد أن المظاهر الخارجية والماديات مثل السيارة الراقية والمنزل الفخم والمظهر الخارجي للرجل، من أهم العوامل التي تجذب النساء، وبالتحديد الجميلات منهن، يتابع موضحا: "لو كنت غير متزوج، أي غير ملتزم بأسرة من الناحية الأدبية والاجتماعية والمادية، كنت سأطمح إلى اقتناء سيارة سريعة، أو منزل جميل وأقوم بجولة بحرية إلى شواطئ لا أعرفها، كذلك كنت سأسعى إلى أن أحافظ على مظهر أنيق وجذاب، وذلك لأرضي رغباتي الشخصية فقط، لا لأوقع بالنساء"، يضيف: "موضوع النساء لا يعنيني كبقية الرجال، ولا يعود ذلك إلى كوني أختلف عنهم، إنما لأن تجربتي مع زوجتي التي تناهز السبعة سنوات، أكثر من رائعة، وبصراحة لو كنت عازبا لما كنت لأفكر في امرأة غيرها، فأنا محظوظ جدا بها وأحبها كثيرا". السفر وتغيير المستقبل لو أنا عازب اليوم، فلن أغير حياتي فقط، بل اسمي وجنسيتي أيضا هذا كان رأي "محمد" الذي يتنهد مروان عيد بحسرة، يبدو كمن يسخر من واقعه الذي يعيش، يقول: "للأسف، أنا أب لثلاثة أطفال، وعاجز عن تغيير شيء صغير في حياتي الرتيبة والراكدة"، يعمل محمد في شركة عمومية منذ ما يقارب 15 سنة، وهو يلفت إلى أنه كان يشعر بملل وبسأم مرير خلال هذه السنوات". يضيف: "كنت قد خططت قبل الزواج لمستقبل مختلف، وعزمت النية على أن أهاجر إلى بلد أجنبي لأحصل على جنسية تحترم كرامة الإنسان، ولكن..." ويعترف "عبد المؤمن"، أستاذ بالثانوية بأن "الحلم بالسفر، بهدف السياحة في بلدان العالم، وليس من أجل الحصول على جنسية، كان سيلون حياتي لو لم أتزوج منذ 18 سنة وأنجب ستة أولاد"، ولكن عبد المؤمن يتجاوز خيبة الأمل هذه عندما يرى أولاده بحسب ما يقول، لافتا إلى أنه يفرح بحق عند نيلهم الشهادات العالية من الجامعات المهمة والمعروفة. حب الاستقرار والنجاح يقول "عبد الحليم"، مدير مدرسة سابق في شرحه لوجهة نظره عن الموضوع قائلا: "أنا لم أعد شابا، لأفكر في رهافة تلك المرحلة من العمر، مرحلة الجنون والتوق إلى مغامرات الممنوع والمجهول". يشير إلى أن إجابته في ذلك الوقت كانت ستتباين مع رؤيته الآنية للأمور، فما كان يحسبه جميلا وممتعا وهو مراهق، يعتبره اليوم قصصا لاسيما أنه متزوج منذ 20 سنة، ويستمتع بتربية أولاده بحسب ما يقول، ويقر عبد الحليم، أنه يحب الحياة الزوجية، لأنه يرى فيها استقرارا من حق الرجل أن يستفيد منه، ليطور نفسه فكريا واجتماعيا، ويزيد من إمكاناته ونجاحاته في الحياة بشكل عام. أما "مصطفى" فيقول :"لم أحقق نفسي إلا عندما تزوجت" عبارة بسيطة بدأ بها حديثه وتتأصل جذورها يوما بعد يوم داخله لتؤكد له أنه لم يخطىء في مسار حياته مع زوجته التي ساعدته ووقفت إلى جانبه، يبتسم مصطفى وهو يبوح بما يجول في خاطره، فيقول: "يحسدني أصدقائي وكل من يعرفني على حياة الاستقرار التي أعيش، ويتمنى معظمهم لو يحذون حذوي ويرتبطون بزوجة تسعدهم، ويصبحون متلفهين للعودة إلى البيت ونسيان هموم العمل كلها." ومن الواضح أن ما يلفت إليه مصطفى، يكفيه إلى درجة يرفض فيها العودة إلى فترة ما قبل الزواج، وهو يقول في هذا السياق: "لقد حققت نسبة كبيرة من أحلامي، ولا أشعر بنقص في أي ناحية من نواحي حياتي، بل أتوقع النجاح والازدهار وديمومة السعادة بإذن الله"، ويضيف: "الزواج استقرار"، لافتا إلى أنه رجل ملتزم دينيا، ويقدر الحياة الأسرية، ولا يخفي مصطفى أن موضوع الاستقرار شغله أيام العزوبية وسرع من ارتباطه لقناعته بأن نجاحه في الحياة سيكون من نتائجه التلقائية، ويقول: "كنت سأتزوج في أسرع وقت، وأنجب الأولاد وأحلم بمستقبلهم"، ويضيف قائلا: " قناعتي تلك لم تتغير، بل أثبتت التجربة أنها صحيحة مئة في المائة، ولم أندم عليها ولن أندم بإذن الله تعالى". العزوبية أم الزواج؟ هناك البعض من الشباب والفتيات يحنون إلى حياة العزوبية بعد الزواج، ويحنون إلى الحرية ويحنون إلى أشياء كثيرة لا حصر لها، ولربما كانوا يبكون على تلك الأيام ويتحسرون على ارتباطهم ولربما أيضا أثنوا غيرهم عن الاستعجال بالزواج وينصحونهم بعدم الدخول فيه، وفي المقابل نرى هناك الكثير منهم من يتمنى أن ينضم لعداد المتزوجين في أقرب فرصة ممكنة فهل حياة العزوبية أفضل من الزواج أم الزواج أفضل؟وهل حياة العزوبية متعة أم عذاب؟. لكل مرحلة عمرية أو فكرية متطلباتها ولها رغباتها، ففي مرحلة الشباب أو بداية الشباب يعني بعد المراهقة يبدأ الشخص يشعر بأنه أصبح رجل أو امرأة فيكون في قمة انطلاقه ويريد أن يفعل أي شيء يحسسه أو يحسس الآخرين بأنه رجل أما بعدها يبدأ بالبحث عن الاستقرار النفسي والذاتي والمعنوي فيبدأ بالبحث عن العائلة والبيت وما إلى ذلك، هذا بصورة مبسطة عن المراحل التطورية، من هذه الناحية فإذا كان الشخص قادر على أن يفتح بيت ويصرف عليه فلا يتردد بالزواج لأنه فعلا استقرار نفسي ويبعد المرء عن العديد من الهفوات التي لابد أن يقع بإحداها. وبالنسبة " للسعادة " فهي بيد أي شخص أن يجعل حياته الزوجية سعيدة، وأهم نقطة في هذا الموضوع هي التفاهم فعليه أن يصل إلى أعلى مراحل التفاهم بينه وبين شريكته أو شريكه في الحياة .. وللوصول إلى هذه المرحلة أبسط طريق أن يتعاملا معاملة الأصدقاء لا الرجل السيد والمرأة الخادمة أو المزعجة، فلو بقيا أصدقاء لن تكبر المشاكل بينهم ولن يتغير الجو عليهم كثيرا عن مرحلة ما قبل الزواج. من يعتبر الزواج قفصا يقيد رغباته ويقفل عليها، هو إنسان فاشل، فهناك الكثير من الأشخاص يعيشون على مزاجهم ويفعلون كل ما يخطر ببالهم ولا يأبهون لأحد مهما كان ولم يقيدهم الزواج أبدا بل على العكس كانت لهم الزوجة نعم الطرف الآخر المساند له في كل مشاغله ومسؤولياته، ومن يقول عكس هذا ويرى في الزواج مسؤولية تثقل كاهله وتحجز حريته، هو رجل لم يختر الزوجة المناسبة له فهذا من المؤكد طبعا. فهناك الكثير من الرجال الذين كان الزواج دافعا لهم ومساندا لهم ولم يمنعهم من القيام بأمر يرغبون فيه. الجانب النفسي: عدم التوازن يخلق الفشل إن الإنسان يمشي مع غرائزه التي تؤثر في سلوكه، وهو عندما يشبع هذه الغرائز يقبل على غيرها، أو بمعنى آخر، ما إن ينتهي هدف من أهدافه، حتى ينمو عنده هدف آخر، قد يكون أول هدف يسعى إليه هو التعلم وتكوين نفسه والاستعداد للحياة المستقبلية، ثم يلي ذلك توقه إلى تكوين أسرة لان ذلك له علاقة بالغريزة، لأن غريزة تكوين الأسرة تجمع بين الغريزة الجنسية وغريزة البقاء والاستمرار، وهي لا يمكن أن تؤدى إلا عن طريق مشروع، وهو أمر يختلف بين مجتمع وآخر، فنحن الجزائريين على غرار البلدان العربية الأخرى، نتميز في هذا الصدد بالتحديد بعادات وتقاليد، تحدد سلوكنا المتعارف عليه في مجتمعنا، ولكن لا يمكن أن نتجاهل بأن خبرة الزواج لا تميز الرجل المتزوج عن العازب، رغم أنه من المؤكد والصحيح أن هنالك ظروفا تواتي المرء وتملي عليه أفكارا معينة. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه يتوق إلى تحقيقها، فلكل هدفه الخاص به في الحياة مهما كانت، ولكن الفشل في إقامة التوازن يفاقم من تأثير الضغط النفسي في سلوك الرجل، وقد يحوله إلى مريض نفسي يتصرف بعدوانية أو خنوع، أو يعاني الاكتئاب والوساوس النفسية وغيرها من حالات التوتر السلوكي التي تتفاوت وتختلف من شخص إلى آخر. الجانب الديني: الزواج نصف الدين وليس مقبرة إن موجبات الزواج لا تصادر حلم الرجل، لأنه لم يتزوج إلا لأنه وجد في الزواج هدفا ملحا. ومن الطبيعي بعد ذلك أن تظهر لديه أهداف وحاجات أخرى، قد توتره وتؤرق راحته إذا لم يشبعها، والزواج يحقق الأمن والاستقرار لطالبه من جميع النواحي، وهو يقوم على أسس فرضها الله علينا متى ما راعاها العبد تحقق بها رضا الله عنه، ولعل التسمية المقصودة به وهي نصف الدين هي تسمية معنوية تؤكد على أهمية الزواج وترغب فيه لأنه أساس ونواة الحياة البشرية وبقائها.