دعا الباحث صالح القبي صناع الثورة ورجالاتها , باعتبارهم المساهمين في صنع الأحداث الى ابتكار الحلول لأدق المعضلات التي يعاني منها الشباب اليوم وعدم الشح في تدوين تجاربهم الهائلة ضمن تقارير مكتوبة , أو مذكرات يعود إليها الشباب كلما إحتاجوا الى ذلك , فهي وحدها من تحفظ للأجيال القادمة الأحداث و الوقائع التاريخية , بعيدا عن كل تداخل أو خلط أو تشويه . وقال الأستاد في حديث جمعه ب" الجزائر الجديدة" أن الشباب اليوم لا يمكنه أن يرضخ للإحساس بالدونية لأنه يملك كل المؤهلات التي تجعله في مصاف الأجيال السابقة التي قادت وناضلت وحققت الانتصار على أعتى قوة عسكرية في القرن العشرين ،وأفاد أن شريحة الشباب إبان الثورة كانت تقف في الصفوف الأولى وأعطى مثلا بذكرى ال57 ليوم الطالب ،فهذا اليوم حسب محدثنا لم يكن وليد اللحظة ،ففي إجتماع سابق تقرر إنشاء لجان عمل لوضع الخطوط العريضة لتاريخ الحركة الطلابية منذ أن تأسست أول منظمة لها سنة 1919 و هي جمعية الطلبة المسلمين لإفريقيا الشمالية المعروفة بAEMAN.وإستمر العمل بالتركيز في البحث على فترة الحرب التحريرية و أنشطة الطلبة و تلاميذ الثانويات داخل مختلف أجهزة الثورة كجبهة التحرير الوطني , و جيش التحرير الوطني , و الهلال الأحمر , و السلك الديبلوماسي انذاك . و وزعت الأعمال على خمس لجان. من جهة أخرى أثنى الكاتب على شريحة الطلبة إبان الثورة " كانت للطالب وقفة مع التاريخ، تجسدت في إضراب19ماي 1956 الذي جاء تلبية لنداء الواجب الوطني و تجسيدا للمد الثوري المتصاعد داخل الجزائر، فبعد اجتماع الطلبة يوم 18 ماي 1956 أين صوتوا فيه بالإجماع لصالح النداء التاريخي للمنظمة " الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين " التي دعت في بيان لها إلى مغادرة كراسي الجامعة والالتحاق بصفوف جيش التحرير والذي جاء فيه " أن الشهادات التي تحضر فيها سوف لن تفيد في شيء... فما هي الفائدة من هذه الشهادات التي تمنح لنا في الوقت الذي يكافح شعبنا بكل بسالة أبشع استعمار عرفته البشرية، إن واجبنا ينادينا للمساهمة إلى جانب الذين يكافحون ليموتوا أحرارا... لذلك نلتزم الإضراب لفترة غير محدودة،وعلينا الالتحاق جماعيا بصفوف جيش التحرير الوطني". لقد كان لهذا النداء أثارا طيبة في نفوس الطلبة ليس في الجزائر فحسب ولكن في كل من تونس والمغرب وفرنسا، حيث كانت بمثابة شهادة حية وتعبيرا صادقا لما كان يعانيه الشعب الجزائري بكل فئاته من جراء الاستبداد و الإستدمار. مضيفا بأنه في الجزائر كانت توجد جامعة وحيدة التي تضم مابين 500 إلى 600 طالب فرنسي و400جزائري حيث ن هؤلاء الطلبة ناضلوا من اجل تأسيس جمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا هي جمعية تأسست في باريس في ديسمبر سنة 1927، على يد طلبة تونسيون وجزائريون ومغاربة. برزت بأنشطتها الإصلاحية والثقافية والاجتماعية وبمواقفها الوطنية. كتاب "عهد لاعهد مثله" خطوة لمحو التعتيم عن تاريخ و يواصل الأستاذ صالح بن القبي متحدثا بنبرة متفائلة "بأنه أخيرا تم إصدار كتاب عنونه ب :"عهد لا عهد مثله ....رسالة ناطقة" الذي ألفه لمحو كل تعتيم للمعلومات حول تاريخ الثورة الجزائرية الذي كان بعد أول لقاء جمع قدماء الطلبة وكذا الكشافة بمناسبة إحياء الذكرى الثلاثين للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين و بهذه المناسبة طرحت ذكريات بعض من ساهموا في إنشاء الاتحاد و تولوا مناصب قيادية ضمن هياكله و اتضح للجميع أن جوانب هامة من ملف الطلاب لا زال يكتنفه الغموض حتى في ذهن الذين عايشوا الأحداث الجامعية أو صنعوها. " وأضاف قائلا :" يبدوا لي أن أهم سبب لطول السكوت عن الحركة الطلابية أثناء الفترة الاستعمارية , ناتج أساسا عن التزام الجميع بالسياسة التي قررتها السلطة الجزائرية غداة الاستقلال و الرامية إلى دمج هذه الشريحة من الشعب في شبيبة الوطن و جعل هذه الأخيرة كتلة واحدة متضامنة غير قابلة لأي تمييز أو تجزئة . مما غيب عن الساحة الوطنية هيئات و منظمات شبانية عريقة مثل حركة الكشافة الإسلامية و التنظيمات الطلابية المتعددة في المستويين الثانوي و الجامعي . كتابات التاريخ يشوبها الغموض واصل القبي حديثه بالقول أن الكثير من كتاب التاريخ يركزون على الجانب السلبي للثورة الذي هو جزء من الكل وهذا يجعلنا نجهل حقائق تاريخية مرجعا ذلك لوجود "مؤامرة "على مر التاريخ ، بدلا من الحديث عن أمجاد الثورة لصنع أجيال جديدة متمسكة بقيم الوطنية . كما أشاد صالح بن القبي من جهته بالدور الذي لعبه أبطال الثورة أنذاك رغم صغر سنه كأمير عبد القادر الذي ناضل ضد المستعمر منذ أزيد من 17سنة وهو لم يتجاوز سن الرابع والعشرين من عمره حيث الحق هزائم نكراء بالاحتلال الفرنسي ،زد على ذلك مقاومة احمد باي. موضحا أن الكتابات عن الثورة ما تزال ناقصة و يشوبها الكثير من الغموض، و أن رسالة الشهيد لم تصل بعد الى الشباب بالشكل الذي يرضيهم لمعرفة تاريخهم و ماضي أجدادهم الثوري و ذلك لأسباب موضوعية لأن من صنعوا الأمجاد ماتوا و لم يبق منهم إلا القليل، و لهذا المسؤولية جماعية، و لا تتوقف عند فرد أو كاتب أو مؤرخ، كما يؤكد المتحدث. ضرورة جمع المعلومات كافية حول تاريخ الثورة الجزائرية وفي رده على وضعية شباب اليوم قال الأستاذ صالح بن القبي بأنه من الضروري على الدولة توفير شروط اللازمة لضمان مستقبل الشباب الجزائري حتى يستطيع خلق معجزات ،متأسفا في وقت ذاته على حالة الطالب اليوم كون هناك لامبالاة من أيادي الحل والربط في البلاد . وحث من جهة أخرى الطلبة على ضرورة التحلي بالصبر والمثابرة وان أبطال الثورة هم أشخاص مثلهم وأناس عاديين ،مضيفا بأنه على الطلبة القيام بدراسات حول التاريخ وانجاز مذكرات حول شهداء ومجاهدين حتى يأخذوا المعلومات حول الثورة من أفواه المجاهدين و تدوينها في إطار هيئة رسمية مؤكدا أن أمل الجزائر و مجدها اليوم هو بين أبنائها و بإمكانهم أن يقدموا ما قدمه رجال الثورة أو أكثر . و الملاحظ أنه لا يوجد فرق في الاتصاف بميزة الشح في الكتابة بين المسؤول الكبير و المناضل البسيط و لا بين خريج الجامعات و متوسط الثقافة . و إذا كان للإحجام عن الكتابة و التدوين , مبرراته ما دامت "الذاتية "تبقى قائمة حفاظا على أسرار الثورة , و يخضع تاريخ الحركة الطلابية إلى نفس التعتيم حيث لا زالت المكتبة الجزائرية إلى الساعة في أمس الحاجة إلى دراسة جدية تقوم بها أقلام جزائرية .