قد يبدو الفرق واضحا وضوح الشمس بين تلميذ الماضي وتلميذ اليوم من جميع النواحي أو أغلبها ، فرغم قلة الإمكانيات سابقا من حيث قلة عدد المدارس وقلة المعلمين، إلا أن التلميذ خلال سنوات خلت كان مثابرا ومهتما بدروسه وملتزما بالدوام ، منتبها للمعلم ، يسأل عن كل شيء لا يعرفه ، محترما لمن يلقّنه العلم و المعرفة ، يجيد القراءة وقليل الأخطاء الإملائية ، ويعبر عن المواضيع الإنشائية بعبارات جميلة ومترابطة، أما الآن و رغم توفر الإمكانيات من حيث المدارس والمعلمين والوسائل ودخول التكنولوجيا الحديثة إلى بعض المدارس، و كذا توفير مستلزمات التعليم ، إلا أننا بتنا نسجّل ضعفا واضحا في مستويات التلاميذ التعليمية . تلاميذ في الصف الخامس مقبلون على اجتياز الشهادة الابتدائية ، لا يجيدون القراءة والكتابة ، و لا حديث عن العمليات الحسابية و عدم التزامهم بالدوام ، و إهمالهم لواجباتهم المدرسية ، ما جعل باب التسرب يفتحٌ على مصراعيه أمام عديد التلاميذ. حسيبة . ب تبجيل الأستاذ في مهب الرياح يتحدث رشيد عن الأيام التي كان فيها تلميذا في الماضي فيقول عن نفسه مستغربا تصرفات تلاميذ اليوم " لم أكن أقفز من فوق الأسوار، ولم أكن أتخلف عن المدرسة دون تقديم عذر مكتوب من طرف ولي أمري أو من طبيب " ، فعلى حسبه تلميذ الماضي كان جد مثابر ومهتم بدروسه وملتزم بأدق الالتزام بالدوام، كما أن الإدارة في الماضي كانت تقوم بالاهتمام بالمتفوقين وتمنحهم الكتب لقراءتها خلال العطلة، وتقديم ملخص عنها من أجل تحفيز الأطفال على القراءة والمطالعة ، أما تلميذ الحاضر فنجده غير مبالي ويكثر الغياب ، ثم يبرر غيابه بشهادة مرضية لعدم احتساب هذا الغياب، كما نجد أغلب التلاميذ يتأخرون عن حضور الصفوف في الصباح، ويد خلون متأخرين على الفصول ، ويكون الأمر جد عادي بالنسبة لديهم، كما بات التدخين في الصفوف جد عادي، فمن المؤسف جدا أن نرى تلاميذ صغار يدخنون مختلف أنواع السجائر معتقدين بأن من يدخن " رجلة " حيث هناك بعض التلاميذ الذين يتواجدون جماعة جماعة ويعرفون بعضهم من خلال تبادل السجائر فيما بينهم علنية، دون خوف من كبير ولا من معلم ولا أستاذ ، وهناك من يتاجر بالمخدرات ، و في المقابل تلميذ الأمس الذي لا يقوم بهذه التصرفات تماما ، وهمّه الوحيد ضمان فقط وصوله إلى المرتبة التي يريدها ، وتحقيق ما يرغبه لإدخال السعادة لوالديه ومن حوله . تلاميذ لا يهتمون إلا ب " الحطة " تتحدث السيدة خديجة في الموضوع ، "ما يلفت انتباهي اليوم هو الملابس الغريبة التي بات أولادنا يلبسونها في المدرسة، حيث نجدهم يتباهون بملابسهم وينزعون المآزر بمجرد خروجهم مباشرة من القسم وليس من باب المدرسة، وكأنهم ذاهبون إلى قاعة الحفلات وليس إلى مكان التعليم والتربية، كما لاحظت تلاميذ في الطور الابتدائي تجدهم حاملين لهواتف نقالة ، و من لا يملك هذه الوسيلة يعتبر متخلفا ، ومن جهة أخرى نرى بنات اليوم لا يخرجن من منازلهن إلا بعد مكوثهن أمام المرآة لساعة أو ساعتين في تصفيف الشعر ولبس أحلى الملابس، عكس جيل الماضي، الذي كان مهتما فقط بالدراسة ولا يبالي بالمظهر بتاتا، حيث لا نعرف الفقير من الغني كلهم سواسية، وهذا التصرف الذي بات أطفالنا يستعملوه أرجعه أنا شخصيا إلى انعدام رقابة الأولياء والتقليد لبرامج تخص الموضة والمسلسلات الأجنبية والتركية خاصة . "رغم قلة الإمكانيات إلا أن تلميذ الأمس كان مهتم بكل ما يدور حوله " مونية ، أستاذة لغة عربية بثانوية محمد بوسعيدي بالحراشتقول " كان التعليم مهنة مقدسة و المعلم كان بهبته وقيمته في الماضي، فتلميذ الأمس كان يهتم بالتعليم ، فرغم أن الظروف كانت صعبة من حوله و قلة الإمكانيات ، إلا أن تلاميذ اليوم رغم توفر كل شيء لهم ، إلا أنهم باتوا يهربون من التعليم ويفكرون في شؤون أخرى، كالمشاكل التي نسمع عليها يوميا من مخدرات و تسرب مدرسي " ، و التعليم في الوقت الحاضر أصبح صعبا للغاية ، بسبب مزاج التلاميذ الصعب، فتلميذ الأمس خجول و متخلق بمعنى الكلمة ولا يرد الكلام على معلمه ، لكن في الوقت الحاضر بات التلميذ لا يخاف ولا يبالي بشيء، ونفسر هذا بالتطور التكنولوجي الذي انعكس سلبا على ثقافتنا و المسؤولية يتحملها الأولياء طبعا الذين لا يراقبون أبناءهم في البيت "، فتلاميذ الأمس كانوا بمثابة أبناء لنا، حيث ندرسهم في اليوم ونشتاق إليهم عندما لا نراهم ،خاصة في عطلة الصيف، لكن تلميذ اليوم بات يقلدُ عقليات لا تتماشى مع مجتمعنا، وفي الحقيقة كرهت المهنة وأنا انتظر موعد التقاعد ، وفي الوقت الحالي فأنا أدرس و أتمنى متى تنتهي ساعات اليوم من أجل الرجوع إلى المنزل، وما يحزنني كثيرا و يحز في نفسي أكثر ، تعامل أبنائنا مع كل شيئ يتعاملون مع كل شيء بلا قيمة ، لتذهب مقولة " قم للمعلّم وفّه التبجيلا ، كاد المعلم أن يكون رسولا في مهب الراي " ، خاصة مع عدم تقدير قدسية مكان التعليم الذي بات يشهدُ حضور أغاني منحطة خلال حفل نهاية الدراسة كأغنية " الواي الواي " ، التي انتشرت كثيرا في مدارسنا و أصبح الكبير والصغير يتفاعل معها ، وهذا أمر جد مؤسف على تلاميذنا وعلى مجتمعنا.