في السابع عشر من شهر جوان الجاري، تكون قد مرت 17 سنة على رحيل الشيخ محمد متولي الشعراوي، "إمام الأمة"، وصاحب أشهر برنامج، "خواطر الشعراوي"، الذي ارتبط بالشهر الفضيل، فصار جزء منه، وسمة رئيسة لرمضان في العالم العربي والإسلامي. الشيخ الشعراوي الذي رحل عنا في 17 جوان 1998، اشتهر بعدة ألقاب منها "إمام العصر" و"إمام الدعاة"، وارتبط اسمه بتفسير القرآن، كما ارتبطت صفته ب"الاعتدال والوسطية"، الأمر الذي جعله "مجمع الفرقاء" في عصره، وهو ما كان يتجلى في طبيعة زوار رواقه أمام مسجد السيدة نفيسة وسط القاهرة. يقول عنه الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، الشعراوي "حالة فريدة استطاع أن يجمع حوله كافة المسلمين على اختلاف توجهاتهم الدينية والسياسية".، كما أن ابتعاد الشعراوي عن العمل السياسي، بالإضافة إلى وسطيته جعلا منه داعية ومفسرًا للقرآن لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، والعالم العربي كله". وشهدت مصر مؤخرًا، غيابًا للدعاة على خلفية الأحداث السياسية المتصاعدة منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى اليوم، حيث أثرت الانحيازات السياسية للدعاة والعلماء ومواقفهم تجاه الأحداث، على مكانتهم واتجاهات الجماهير نحوهم، فيما فضل بعض الدعاة الاعتكاف في منازلهم، في ظل المشهد السياسي الملتبس، وخاصة بعد قيام السلطات الحالية بإغلاق عدد من القنوات الدينية، منذ الإطاحة في، 3 جويلية 2013 بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في مصر. الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي المعروف، وصف بدوره الشعراوي، أنه صاحب القلب النوراني والعقل المستنير وإمام دعاة العصر، الذي أحدث ثورة حقيقية في صفوف مئات الملايين من المسلمين، الذين لم تكن لهم اهتمامات بالقرآن وأسراره وعلومه ومعجزاته، فجذبهم الشيخ الشعراوي إلى المدرسة القرآنية، فأصبح أكبر وأعظم من تكونت من حوله مدرسة قرآنية في الواقع الإسلامي المعاصر. لكنّ ذكرى رحيل إمام الدعاة، مرت على وسائل الإعلام المصرية والعربية، دون إحياء أو ذكرى لمناقبه، وهو ما جعل الدكتور عمارة يستنكر التجاهل الإعلامي والمجتمعي لذكرى رحيل الإمام الشعراوي، وقال "أما عن حال اليوم في الثقافة والإعلام فهو في قاع الانحطاط، ولذلك ليس غريبًا أن تنصرف وسائل الإعلام ومؤسسات الثقافة عن الهدي والنور إلى المسوخ التي تشكك في الإسلام، لكن سنة الله غالبة". ويعد الشيخ الشعراوي، أول من قدّم تفسيرًا شفويًا للقرآن الكريم، انشغل بالحركة الوطنية والأزهرية وحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919 التى اندلعت من الأزهر ، كما شارك عام 1934 في حركة تمرد طلاب الأزهر التي طالبت بإعادة الشيخ المراغي إلى مشيخة الأزهر، وهو ما أسفر عن إيداعه السجن الانفرادي في الزقازيق بتهمة "العيب في الذات الملكية"، إثر نشره مقالًا يهاجم فيه الملك لمواقفه من الأزهر. التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937، وامتلك مهارات عالية في حفظ الشعر والمأثور. بدأ حياته مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري، ثمَّ أعير للعمل بالسعودية عام 1950، وظلَّ الإمام يتدرج في الوظائف العامة، حتى عُين مديرًا لمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، وكان رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966، ووزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976، وأخيرًا عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980، وتم اختياره عضوًا بمجلس الشورى"الغرفة الأولى بالبرلمان" في مصر 1980.