تسعى مؤسسة الأزهر إلى الحد من سطوة الإخوان المسلمين في مصر الذين يخططون للهيمنة على مختلف المؤسسات بالبلاد، ما ينبئ بصراع قوي على من يمثل الإسلام في البلاد. ويقول مراقبون محليون إن الأزهر يحوز رضا غالبية المصريين بما في ذلك الأقباط لما عُرف عنه من تفسير معتدل ومتسامح للإسلام، بينما يميل تفسير الإخوان إلى التشدد فضلا عن توظيف الدين في خدمة أهداف سياسية تسيء إليه. وينظر الأزهر بريبة إلى الصعود المفاجئ للإخوان بعد سقوط نظام مبارك، وخاصة هيمنتهم على البرلمان قبل حله، وصعودهم لرئاسة مصر، وهيمنتهم على الجمعية التأسيسية للدستور، ما حدا به إلى انسحاب ممثليه منها اعتراضًا على تشكيلها بعيدا عن مبدأ التوافق الوطني. واعتبر المراقبون أن الميول “السلفية” للإخوان تهدد بسحب البساط من تحت أقدام الأزهر الشريف “أكبر مرجعية سنية في العالم”، لتصبح مراكز الثقل للشيوخ والدعاة غير الأزهريين. وفيما يحاول الإخوان التقرب من الأزهر حتى لا ينتقد تهافت أفكارهم وضعف صلتهم بالدين تصر قيادات أزهرية على الابتعاد عن الإخوان أكثر ما يمكن ليعرف الناس الفرق بين الاثنين. وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر، إن موقف الأزهر يتعلق بموقف الجماعة الوطنية التي يضطلع الأزهر بدور قوي ومؤثر فيها، وعلى مدار الأشهر الماضية عقد العديد من الاجتماعات بين ممثلين لعدد من القوى السياسية على مائدة الأزهر للحوار حول مستقبل مصر وقد تم التوافق على وثيقة الأزهر لتكون ركيزة الدستور الجديد. وأشار “عزب” إلى أن الأزهر يتخذ مواقفه إيمانًا منه بدوره العميق في ضرورة تغليب المصلحة العليا للبلاد وتحقيق السلام والتماسك لشعبها، لافتًا إلى أن مؤسسة الأزهر لا تطمح إلى مكاسب سياسية كما أن الأزهر لا يمتلك أجندة سياسية ولا يسعى إلا لصالح البلاد والعباد. وهي تصريحات تتضمن نقدا لسعي الإخوان إلى توظيف الدين في تحقيق مآرب سياسية، بدل أن يكون عنصرا جامعا لمختلف الفرقاء. من ناحية أخرى، استبعد الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف، أن يؤثر الصراع بين القراءتين “الوسطية الأزهرية، والسلفية الإخوانية” على تمسك الأزهر بأن يكون عنوانا للوسطية والاعتدال، وعاملا على تكريس الوحدة الوطنية بقطع النظر عن الأفكار التي تحملها الأحزاب أو الجماعات. وأكد الدكتور نبيل عبد الفتاح “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية”، أن الخلاف بين الأزهر والإخوان رغم بقائه في إطار أمور محددة مثل الجمعية التأسيسية أو مشروع استقلال الأزهر، فإنه في حقيقة الأمر يمتد إلى ما هو أكبر وأعمق.