حذر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول من تداعيات انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري، وقال "رغم أن المديونية الخارجية لا تتجاوز 4 مليار دولار، واحتياطي الصرف يتراوح بين 135 و140 مليار دولار نهاية 2015، سيكون لأزمة انهيار أسعار النفط، تأثير على الاقتصاد الجزائري بسبب أن البترول يغطي 98 بالمائة من مداخيل العملة الصعبة و70 بالمائة من حاجيات الأسر والمؤسسات التي لا يتجاوز معدل إدماجها 15 بالمائة (نسبة ما يصنع في الجزائر) سواء في القطاع الخام أو الخاص". وقال مبتول في مساهمة له، "إن مداخيل سوناطراك حسب قانون المالية التكميلي 2015 ستبلغ 34 مليار دولار بمتوسط سعر برميل 60 دولارا وتعطي ربحا صافيا بعد إزالة تكاليف 25 إلى 26 مليار دولار، وفي حالة متوسط برميل ب40 دولار ستكون المداخيل 22 مليار دولار مع ربح صافي ب16 إلى 17 مليار دولار". وسينتج عنه -حسب مبتول- استنزافا تدريجيا لصندوق ضبط الإيرادات (الفارق بين السعر المرجعي والحقيقي للبرميل) مع بداية 2017 ولاحتياطي الصرف على مدار سنة 2018، في حالة غياب رؤية استراتيجية وعدم تغير في نمط الحوكمة والسياسية الاجتماعية الاقتصادية". وقال مبتول انه امام هذه الأوضاع "سنشهد عودة إلى صندوق النقد الدولي مع تصحيحات اقتصادية واجتماعية أكثر إيلاما مما عشناه في 1994/1995، وانهيار للقدرة الشرائية يمكن أن تصل إلى 30 و50 بالمائة تضرب الطبقات الأكثر فقرا على المدى القصير"، واضاف الخبير "بما أن الناتج المحلي الخام في الجزائر يعتمد بنحو80 بالمائة (بطريقة مباشرة وغير مباشرة) من على الإنفاق العمومي الذي يأتي من مداخيل البترول، سيشهد معدل النمو انخفاضا كبيرا، وسينجر عنه ارتفاعا في معدل البطالة علما أن النسبة الحالية مضخمة بالوظائف المستحدثة بفعل الريع، كما ستعرف الجزائر انخفاضا تدريجيا في سعر صرف الدينار مقابل اليورو والدولار سيصل إلى غاية 1 يورو مقابل 200 دينار. ويسترسل مبتول في التحليل قائلا: "هذا سيسرع من ارتفاع معدل التضخم الذي يتم استيعابه جزئيا في الوقت الحالي عبر دعم المواد الاساسية، ويمكن أن يصل معدل التضخم إلى رقمين فيكون ضرره بالدرجة الأولى على أصحاب الدخول الثابتة (الأجراء)، وهذا ما سيضطر الحكومة إلى إعادة النظر في المبالغ المخصصة للدعم والمقدرة حاليا ب 60 مليار دولار ما يعادل 27 بالمائة من الناتج المحلي الخام. أما البنوك فستكون مجبرة على رفع نسبة الفائدة التي يحب أن تفوق معدل التضخم من أجل تجنب الإفلاس، خاصة أنه لا يمكن إعادة رسملتها عبر المداخيل البترولية. ويتابع مبتول: "عند هذه النقطة، سيواجه عدد معتبر من المواطنين مشكل عدم قدرة على الدفع بفعل ارتفاع تسب الفائدة وانخفاض القدرة الشرائية، وهؤلاء إما من الذين اشتروا منازل عبر قروض بنسب فائدة مدعومة أو استفادوا من امتيازات مالية وجبائية، وسينتج عن ذلك أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية. ستكون عندنا الآثار نفسها لأزمة سنة 1986 التي ظهرت جليا بين 1989 و1991 حيث توقفت كل مشاريع "أوسكيب" بعد أن ارتفعت نسبة الفائدة من 5 إلى 15 بالمائة، وأدت إلى إفلاس كثير من المقاولين الخواص وتضخيم ديون المؤسسات العمومية، وهو نفس ما عاشته الولاياتالمتحدة في أزمة الرهن العقاري سنة 2008 التي امتدت آثارها لتشمل العالم كله تقريبا.