أخلطت "بكالوريا فايسبوك" من خلال تسريب مواضيع "البكالوريا" الرسمية أوراق أزيد من 800 ألف مترشح، وأثارت جدلا واسعا زعزع قطاع التربية ويكاد يمسح الثقة في مصداقية هذه الشهادة التي وصلت بها اكتفت أجيال الستينات والسبعينات والثمانينات الى أعلى المناصب. عجز كثيرون عن تصديق "الفضيحة" وذهبوا إلى القول أن وزيرة التربية تتعرض لمؤامرة من مقرّبيها، وقال آخرون إن تسريبات مواضيع "البكالوريا" على "فايسبو " حقيقة وقفوا عندها. منذ بدأ امتحانات "بكالوريا 2016" يوم 29 ماي، لم تبرح أعين المترشحين صفحات موقع التواصل الإجتماعي "فايسيوك" بحثا عن مواضيع مسرّبة يضمنون بها نقاطا ممتازة ترفع معدلات. وأثارت أطراف مجهولة على الموقع ذاته مواضيع شوّشت ذهنية آلاف المترشحين وذويهم، وزعزعت كيان الأسرة التربوية ككلّ. ما حقيقة تسريب مواضيع "البكالوريا" عشية الامتحانات المصيرية، وهل كانت المواضيع "الفايسبوكية" بالفعل مطابقة للرسمية؟ أم مجرّد مواضيع منشورة تستهدف منصب الوزيرة لتقيلها منه، وتحيك من حولها مؤامرة؟ وكيف كان تأثير هذه المواضيع على المترشحين داخل قاعات الامتحان وخارجها؟ اعترف مترشّحون من شعب عدّة، في أحاديث ل"الجزائر الجديدة" بحصولهم على مواضيع مسرّبة طابقت المواضيع نفسها في الامتحانات الرسمية منذ أول أيام الامتحانات، ومست التسريبات في البداية مادة "التربية الإسلامية" التي سرّب موضوعها نصف ساعة قبل موعد الامتحان، ما فتح شهّية المترشحين للبحث أكثر عن مواضيع أخرى تخلّصهم من عناء التحضير للامتحان، وتكررت التسريبات المطابقة لما أعده ديوان الامتحانات مع مواضيع الرياضيات، الإنجليزية والفرنسية، ل"تثلج" صدور البعض، وهم يمسكون بمواضيع الإمتحانات. غير أن مادة الفلسفة ورغم سهولة الموضوع إلا أنه صنع صدمة لدى بعض الطلبة ، الذين اعتمدوا على تسريبات "فايسبوك" التي لم تكن في محلّها هذه المرة. وتنقل إحدى المترشحات في شعبة "الآداب والفلسفة" وضع بعض المترشحين الذين أصيبوا بإغماء بمجرد تسلمهم لموضوع الامتحان، والذي لم يطابق تخمينات العالم الأزرق، ودخل آخر في هستيريا وصراخ استدعى "إحضار الراقي" لتلاوة آيات من القرآن عليه، وطبيب نفساني لتهدئته قبل إعادته إلى قاعة الامتحان. وجرت تشويشات عن تسريب موضوع اللغة العربية على "فايسبوك" غير أنه لم يكن مطابقا لما عوّل عليه التلاميذ. وفتح "فايسبويكون" باب الجدل واسعا في موضوع تسريبات "البكالوريا"، لينقل الأساتذة الحراس شهادة حيّة عايشوها، يقول أحدهم "البارحة لم أصدق بفكرة تسريب المواضيع قبل موضوع الامتحان، لكن اليوم صدقت مرغما، بعدما ضبطت مترشحا كتب على يديه وطاولة جلوسه إجابات موضوع الفرنسية قبل الإمتحان بنصف ساعة، وقال لي أن الموضوع تمّ تسريبه، وهو ما تأكد لي بعد ذلك"، ونقل أستاذ آخر "مع الأسف، نفس الواقعة عشتها شخصيا.. التسريب حقيقة". وذهب آخر ليعلق بسخرية "باكلوريا 2016 تحت شعار، هاك السوجي حلو في الدار وبلاك توصل روطار". وكذّب "فايسبوكيون" آخرون هذه الحقيقة، وجاءت تعليقاتهم بين "الوزيرة تتعرّض للمؤامرة من أقرب مقرّبيها"، "هم يريدون ضرب الوزيرة لكنهم أضروا بالتلاميذ المجتهدين"، "باك 2016 أحسن بكالوريا في 9 سنوات الأخيرة وبشهادة الجميع"، "إلى المتشدقين بتسريب الأسئلة احتفظوا بأسماء هؤلاء الذين يدعون أنهم حصلوا على المواضيع لتتأكدوا من نجاحهم يكفيكم مزايدات وتثبيط الهمم وبعث اليأس في نفوس الطلبة"، وأضاف آخرون "هل رأيتم المواضيع المسرّبة قبل إجراءها بأعينكم، لا تصدقوا كل ما يقال، اتركوا تلاميذنا يمتحنون في ظروف هادئة، لا تشوّشوا عليهم"، "أنا لم أقتنع بحكاية التسريب فهي مجرد زوابع رملية أريد بها تعكير صفو البكالوريا". وخرجت الوزيرة نورية بن غبريط وأوقفت كل هذا الجدل واعترفت: "التسريبات اقتصرت على بعض الشعب فقط، ولن تؤثر على هذا الامتحان المصيري، والبكالوريا لن تلغى". بن غبريط تحدث ضجة في البرلمان أحدثت وزيرة التربية نورية بن غبريط، ضجة في مبنى زيغود يوسف، واستغل نواب أحداث صاحبت امتحانات البكالوريا من تسريبات وإقصاء للتلاميذ وإحباط للأسر لمطالبة بن غبريط بالاستقالة، فيما سارع تكتل الجزائر الخضراء للتنديد بما أسماه "مأساة البكالوريا" التي زادت قطاع التربية سوادا. وفي هذا الشأن كشف مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني، عن تقديم لائحة للحكومة تتضمن المطالبة بإقالة وزيرة التربية نورية بن غبريط، بسبب ما وصفوه بفضائح تلاحق الوزيرة، خاصة بعد تسريب اختبارات البكالوريا ما قد يعصف بمصداقتها. وفوض نواب من احزاب مختلفة، النائب حسن العريبي لتقديم هذه اللائحة للحكومة مع ضرورة "تشكيل لجنة تحقيق تكشف المتسببين والمتآمرين على مصالح الأمن القومي الجزائري والوقوف على ما تبقى من مصداقية المنظومة التعليمية قبل خرابها". وقال النائب عن جبهة العدالة والتنمية حسن لعريبي، في تصريح ل"الجزائر الجديدة" ان النواب الموقعين على اللائحة يطالبون بحماية المدرسة الجزائرية والدفاع عن اللغة العربية، واتهموا وزيرة التربية الوطنية بضرب كل ما تعلق بالهوية والدوس عليها، ووجه النائب دعوة لنواب باقي التشكيلات للانضمام الى المسعى سواء من الموالاة أو من المعارضة، وقال ان اللائحة مفتوحة. وعدد لعريبي أسبابا دفعت النواب الى توقيع هذه اللائحة، ابرزها "تمرير مقترحات مشبوهة ومنها التدريس بالعامية، بدلا من اللغة العربية، ومحاولة انتقام من الكفاءات المخلصة والوطنية خاصة تلك المعربة التي تدافع عن ثوابت الأمة". وفي هذا السياق أبدى حمدادوش استعداده لتوقيع اللائحة، قائلا ان نواب حمس لم يتلقوا أي اتصال من لعريبي. وقال الناب نعمان لعور أن على الوزيرة مآخذ ولكن مطالبتها بالاستقالة يتطلب دراسة أسباب النواب في توقيع اللائحة.