كرمت مطربة الحوزي مريم بن علال، عميد الأغنية الأندلسية الشيخ رضوان بن صاري في ألبوم جديد ضم 13 أغنية في الحوزي والعروبي والصنعة، أعادت من خلالها أعماله النادرة التي قدمتها في قالبها الأصيل وإن أعطتها بعض اللمسات العصرية، تجلت أساسا في استعمال بعض الآلات على غرار القيثار والبيانو. "يا ضو عياني" و"عييت صابر وأنا نرجاك" و"محبوبي طال جفاه" و"طال تيهانك يا محبوبي"، هي من بين أغاني هذا الألبوم، وسافرت عبره بين طبوع موسيقية مختلفة على غرار الزيدان والموال ورمل المايا وعلى إيقاعات البشراف والقصيد والبروالي. وكان الشيخ رضوان بن صاري (1914- 2002) قد أدى هذه الأغاني على فترات متباينة إبان مسيرته الحافلة متناولا عبرها مواضيع حياتية مختلفة كالغرام والحنين للوطن والأصول، وكذا جمال تلمسان ونسائها وهي من كلمات وألحان أهم شعراء الشعبي الملحون التلمسانيين في القرن ال18 على غرار بن مسايب وبن سهلة. وما يميز الألبوم أنه افتتح ب"الحوفي" وهو نوع غنائي شفوي نسوي يؤدى عادة بتلمسان في الحفلات العائلية وغيرها من المناسبات، وقد اختارت الفنانة له عنوان "يا لالة ستي يا مولات الزين" تكريما لعاصمة الزيانيين، التي كان يعشقها كثيرا بن صاري فقدم لها أجمل إبداعاته. ولعل من أبرز أغاني هذا الإصدار الرابع للفنانة، بعنوان "شهيل العين" الذي يمتزج فيه وبطريقة رائعة صوت وأداء بن علال بصوت وأداء معلمها بن صاري وهو يتفنن في عزفه على العود. وقد أرادت من خلال هذا "الديو" إظهار طريقة عمل الشيخ لعشاق الطرب الأندلسي، وكذا إبراز صوته وهو يعزف على العود، حسبما أوضحته بن علال التي أضافت أن تكريم رضوان بن صاري هو تكريم لصوته وأدائه وأغانيه ومختلف الآلات التي كان يستعملها وعلى رأسها العود. ومن أغاني هذا الألبوم أيضا مخيلص "رأيت الهلال" وقصايد أخرى في العروبي على غرار "بقيت مهموم" و"طال الضر عليا"، بالإضافة لحوزي في مدح الكعبة بعنوان "ما وفاشي طلبي" اختارته الفنانة ليكون خاتمة عملها. واعتبرت بن علال أن هذا الألبوم -الذي قدمته في ساعة و18 دقيقة- هو بمثابة تكريم للشيخ رضوان بن صاري عبر إعادة العديد من أغانيه النادرة التي لم تسجل من قبل ولم يؤدها بعده إلا بعض الجمعيات نظرا لصعوبة أدائها، وخصوصا من ناحية تقنيتها الصوتية، حيث أن الشيخ كانت له قدرات صوتية عالية. ويعتبر الشيخ رضوان بن صاري من أبرز وجوه الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر، حيث انضم منذ صغره لأوركسترا والده الحاج العربي بن صاري -أحد مؤسسي الموسيقى الأندلسية وأساطينها البارزين- قبل أن يقودها وهو في سن العاشرة ليبدأ بعدها في تسجيل أغانيه معها. وقد بدأ مسيرته بالعزف على المندولين قبل أن ينتقل لآلات أخرى بينها العود الذي برع فيه، حيث مكنه صوته وتجديده في الطبوع والإيقاعات من بعث روح جديدة في الأندلسي، جعلته أحد أبرز فنانيه في الخمسينيات من القرن الماضي. وبدأت من جهتها مريم بن علال، وهي من مواليد تلمسان في 1987، مسيرتها الفنية وهي صغيرة قبل أن تنضم لجمعية "أوتار تلمسان" في 1998 لتعلم أصول الطرب الأندلسي قبل أن تغادرها في 2002 وتطلق أولى ألبوماتها في الحوزي.