لم يكتفي بيان السياسة العامة للحكومة، الذي نشرته الوزارة الأولى، على موقعها الالكتروني، أمس، بعرض حصيلة الجهاز التنفيذي، وإنما دافع أيضا عن خيارات السلطة، أبرزها "ضرورة" استمرار حكم بوتفليقة. الملفت في هذا البيان الذي جاء في ستة فصول، هو أنه لا يقدم فقط أرقاما حول حصيلة حكومة أحمد أويحيى، بناء على مخطط الحكومة الذي عرضه على البرلمان عقب تعينه وزيرا أول خلفا لعبد المجيد تبون شهر أوت 2017 ، وانما تطرق أيضا إلى العهدات الأربعة لعبد العزيز بوتفليقة، فقد تضمن ثلاث ملاحق ل "الانجازات المحققة" (2017-2018 ، 2014 – 2018، 1999- 2018). ولم يخلو البيان الذي نشر الأرقام "المحققة" في كل قطاع على حدى، من تمرير رسائل سياسية، بل بدا مثل ورقة انتخابية تستغلها الحكومة لمساندة المترشح عبد العزيز بوتفليقة.إذ دافعت الوثيقة عن "الاستمرارية"، وتضمنت خلاصة تحت عنوان " فضائل الاستمرارية"، مما جاء فيها أن حصيلة "الحكومة خلال سنتي 2017 و2018 تعكس تقدما معتبرا في نهج تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، سواء تعلق الأمر بالاستمرارية في العهدة الحالية لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو بالاستمرارية في اعادة البناء الوطني الذي يشرف عليه رئيس الدولة".وخففت الحكومة من انعكاسات الأزمة المالية خلال الخمس السنوات الأخيرة، جراء تراجع أسعار النفط، إذ لفت البيان إلى أن "أزمة النفط بدأت سنة 2014 وبلغت ذروتها في 2016، ولم تشهد الأسعار سوى تحسنا متواضعا منذ ذلك الحين" وذكر أن "الجزائر فقدت 70 بالمائة من مداخيلها خلال المراحل العصيبة من هذه الأزمة، غير أن هذه الصدمة الخارجية لم توقف وتيرة إعادة بناء البلد".وتعتقد الحكومة أنه بناء على الحصيلة المقدمة، خاصة خلال الفترة من 2014 إلى 2018 (العهدة الرابعة)، تقتضي "مواصلة مسيرة البناء الوطني الاستمرارية في هذا المسعى" ولفتت إلى أنه "غالبا ما يميل السياسيون إلى شعار القطيعة. غير أن البناة يثقون في الاستمرارية التي تجنب الضياع وأحينا حتى التقهقر". ويفهم من هذا المقطع، أن المقصود الأول هو المترشح الحر لانتخابات الرئاسة ، اللواء المتقاعد علي غديري، الذي رفع شعار "إحداث قطيعة مع النظام الحالي، والتأسيس لجمهورية ثانية" . كما تدافع عن هذا التوجه الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، التي تعتقد أن "النظام الحالي يعيش أحلك أيامه والوضع يقتضي بناء مجلس تأسيسي". و دعا الوزير الأول في نفس الوثيقة، المعارضة إلى "ضرورة بناء إجماع وطني"، وقد اقتبس هذه الدعوة من رسالة ترشح بوتفليقة إلى عهدة خامسة، التي قال فيها إنه "في حال فوزه في الانتخابات، سيدعو إلى ندوة وفاق وطني بعد الرئاسيات، قد ينجم عنها تعديل للدستور".وعدّد أويحيى، التحديات التي تواجه الجزائر، منبهًا إلى أن "بعضها داخلي يُرَدُ إلى معطيات مالية أو إلى التكاثر الديمغرافي القوي، والآخر خارجي ناجم عن حالة اللااستقرار الدائم التي تشهدها شبه المنطقة والشكوك العالمية التي باتت قائمة بالخصوص في المجال الاقتصادي".وحسبه "أمام التحديات التي تلوح في الأفق، سيخرج بلدنا بالتأكيد رابحًا من الاستمرارية إن هي تعززت بالتفاف كافة الطاقات السياسية والاجتماعية والثقافية، في ظل النقاش والحوار قصد التوصل إلى إجماع وطني متعدد الأشكال يكون في مستوى الرهانات الوطنية"