الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و على آله و صحبه و من ولاه أما بعد: جاء الإسلام في وقت كانت الأمة فيه مليئة بالشرك والمنكرات، فلا مرجع لأغلب أفرادها إلا العادات والتقاليد الموروثة عن الآباء والأجداد ... فهذب الإسلام الأخلاق وضبط المجتمع بمرجعية في أسلوب حياتها وتعاملها وفي كل شئونها بعد أن رسخ في قلوب المؤمنين التوحيد والانقياد لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم،حتى الألفاظ الموهمة والتي تحتمل وجهين أحدهما موافق للشرع والآخر مضاد له نهينا عن استخدامها، فهذه كلمة (راعنا) التي كان يقولها اليهود وهي تحتمل معنى الرعونة، جاء القرآن يأمرنا بأن لا نقولها ونقول كلمة غيرها قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم. وعلى المؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم أن يكون منضبطاً في جميع أحواله بما يوافق الشرع الحنيف وخاصة فيما يتعلق بالتعبيرات والألفاظ المخالفة للإسلام والمناقضة للتوحيد. وسأذكر في هذا المقال بعض الألفاظ التي يخطئ فيها كثير من الناس، سواء كانت ألفاظاً موهمة أو منافية للتوحيد أو منافية لحقائق ثابتة جاء بها الإسلام الحنيف. فمن الأخطاء قول بعض الناس .. (وهذا تمشياً مع العادات والتقاليد الإسلامية) فالإسلام ليس تقاليد وعادات، ولكنه عبادات وشرائع، والصحيح أن يقال: تمشياً مع شريعتنا وديننا الحنيف. ومن التعبيرات الخاطئة مصطلح (فكر إسلامي)، وهذه توهم أن الإسلام عبارة عن أفكار فيها أخذ ورد، وفي هذا خطر عظيم، فالإسلام شرائع نحن متعبدون بها، ويجب علينا الحذر من هذا الاصطلاح وتركه. ومن التعبيرات الخاطئة قول: (المادة لا تفنى ولا تزول، ولم تخلق من عدم)، هذه من التعبيرات الإلحادية والتي يجب على المؤمن أن لا يقولها، فكل شيء خلقه الله من عدم، فالله خالق كل شيء، وكل شيء سوى الله الأصل فيه العدم. ومن التعبيرات الخاطئة قول بعض الناس عن الميت (رحل إلى مثواه الأخير) فهذا حرام ولا يجوز لأن في ذلك إنكاراً للبعث، والله عز وجل يقول: ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر والزائر لا يقيم، وهذه مرحلة من المراحل التي يمر بها الإنسان. فالميت كالزائر يمر بهذه المرحلة ثم يبعث يوم القيامة، وهناك مثواه الأخير. إما إلى جنة وإما إلى نار، فلا ينبغي للمسلم أن يقول عن القبر: إنه المثوى الأخير. ومن الأخطاء قول بعض الناس في الدعاء، (اللهم لا نسألك رد القضاء وإنما نسألك اللطف فيه). فهذا حرام ولا يجوز..لأن الدعاء يرد القضاء كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يرد القدر إلا الدعاء) وهذه العبارة (اللهم لا نسألك رد القضاء..) فيه نوع تحد للرب عز وجل كأن السائل يقول: يا رب اقض ما شئت، ولكن مع اللطف، وهذا لا يجوز، فالمسلم يسأل الله المغفرة والرحمة وأن لا يعذب في القبر ولا يوم القيامة وهذه الأدعية كلها قد تكون أسباباً لمنع أو رد القضاء، ولأن ذلك الدعاء أيضاً قدر وقضاء، وعلى الإنسان أن يعزم في المسألة ويتجنب هذا الدعاء الذي لا يجوز الدعاء به. ومن الأخطاء في التعبير أن يوصف بعض المخلوقات بأنها (هبة الطبيعة)، كما يقال (مصر هبة النيل) والطبيعة وغيرها خلقها الله عز وجل، ولا يجوز القول بأن ذلك من هبة الطبيعة. أو هبة الحياة أو يد الطبيعة أو لعبة القدر أو سخرية الأقدار أو غيرها من الألفاظ التي فيها صرف للقدرة و المشيئة والتقدير عن الخالق سبحانه. ومن الأخطاء الطلب من الله أمراً مخالفاً لقضائه الكوني مثل سؤال الله عز وجل أن يجعل الشمس قمراً أو الذكر أنثى أو الأنثى ذكراً، وهذا كله من التعدي ومن الاعتداء في الدعاء ولا يجوز ذلك. ومن الأخطاء الحلف بأي شيء غير الله عز وجل كالحلف بالطلاق أو الشرف أو بالوالدة أو برأسها أو بشخص ما و لو كان نبيا، وهذا كله شرك (من حلف بغير الله فقد أشرك) لأن الحالف يساوي بين عظمة الله وبين من يحلف به سواء الطلاق أو الشرف أو غيرهما، ولا يجوز الحلف إلا بالله، ومن أخطأ فعليه أن يقول لا إله إلا الله ويتوب من ذلك الحلف، ومن كان لابد حالفاً فليحلف بالله .. وهناك خطأ في الحلف حيث نسمع بعض الناس يقول ورب المصحف، وهذه لفظة موهمة لأن المصحف فيه كلام الله. وكلام الله صفة من صفاته ليس بمخلوق وعلى المسلم أن يتجنب هذا الحلف وليقل ورب الكعبة أو رب الناس بدلاً عنه. ومن الأخطاء قول بعض الناس لأمر مكروه لا سمح الله، والأولى إن أراد الدعاء أن يقول: لا قدر الله، أي أسأل الله أن لا يقدر ذلك الأمر، وأيضاً قول بعض الناس: (فال الله ولا فالك) وهذا لا يجوز. وعلى المسلم أن يترك هذا التعبير الخاطئ. ومن الأخطاء أيضاً قولنا (شاءت الأقدار أو شاءت قدرة الله) وهذا لا يجوز ولكن الصحيح أن يقال اقتضت حكمة الله، أو نقول هذا قدر الله أو هذه قدرة الله. لأن المشيئة لله عز وجل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ومن الأخطاء أيضاً وصف الله عز وجل بصفات لم تثبت في القرآن الكريم ولا في السنة، أو إطلاق أسماء لله لم ترد في القرآن ولا في الستة كقول بعض الناس عن الله أنه مهندس الكون الأعظم، وهذا لا ينبغي أن يقال، والأولى بالمسلم أن يلتزم ويتقيد بما ورد في القرآن والسنة الثابتة الصحيحة من أسماء الله وصفاته وقد قال ربنا في كتابه: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسماءه سيجزون ما كانوا يعملون. هذه الألفاظ والكلمات ما هي إلاّ غيض من فيض، وقد جمع بعض أهل العلم ما يقارب ألف لفظ خاطئ ما بين ألفاظ قد تهوي بصاحبها في نار جهنم إلى ألفاظ من خوارم المروءة، أو مما ينبغي على المسلم تركها. والأصل في كل ذلك هو الالتزام بآداب الشرع الإسلامي وتجنب الكذب والاستهزاء والسخرية فرب كلمة يقولها الشخص لا يلقي لها بالاً فيكون فيها هلاكه والعياذ بالله، وانظروا إلى الذين أخذوا يخوضون ويلعبون في أعراض الصحابة. كيف أخرجهم ذلك من الإيمان إلى الكفر كما قال الله تعالى في سورة التوبة: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم. وهذا كما يقال الآن: ننكت ونضحك، فربما يكون في ذلك هلاك ودمار، لهذا الذي يريد أن يضحك الناس كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صحيح الجامع:(ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له). فعلينا أن نضبط أقوالنا وتعبيراتنا واستدلالاتنا ولا نترك لهذه الآلة (اللسان) العنان حتى لانكب على مناخرنا في جهنم والعياذ بالله (وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم). وعلينا الإكثار من التهليل والتسبيح والتحميد والاستغفار والصلاة على النبي صل الله عليه وسلم والمحافظة على أداء الطاعات والابتعاد عن المحرمات خاصة في هذا الشهر الكريم. والزمن يمضي بنا وما هي إلا سنوات معدودة حتى نكون من أصحاب القبور فإما إلى الجنة وإما إلى النار. أجارنا الله وإياكم منها.