فاق عدد سكان ولاية وهران حسب إحصاء 2008 أكثر من مليون و600 ألف نسمة يضاف إلى ذلك حظيرة سيارات تجاوزت الآلاف ناهيك عن حركة دخول الوافدين والمركبات يوميا من مختلف مناطق الوطن خاصة الغربية منها وعليه صارت المدينة تعرف إكتظاظا لم يسبق أن عرفته مطلقا من قبل ولعل ما زاد الوضع تأزما أشغال إنجاز الترامواي الذي سيمتد على مسافة 40 كلم شاقا بذلك المدينة من غربها إلى شرقها فمنذ 2009 تاريخ إنطلاق الأشغال تعرف حركة السير والمرور أزمة حقيقية تبعتها فوضى عارمة من قبل مستعملي الطرق سواء المارة أو أصحاب المركبات إذ صار إحترام قانون المرور محل إرتكاب العديد من المخالفات وصار كل واحد يطبق الإجراءات حسب هواه فقد يتعدى على حقوق غيره دون مبالاة مما يخلق جوا من الإختناق وتصبح المدينة مرتعا للفوضى والضجيج منذ الصباح الباكر حيث تنطلق أبواق السيارات دون إنقطاع مع أن القانون يحدد مواضع وظروف إستعمال هذه المنبهات خاصة وسط المدينة وأمام المستشفيات والمدارس وأمام هذا الوضع المتأزم الذي تعرفه وهران كمدينة والذي صار يمتد حتى الشوارع والساحات البعيدة نوعا ما عن وسطها إمتدت الفوضى وعدم إحترام القانون لتشمل أيضا حظائر ومواقف السيارات وأصبح توقيف السيارات وركنها عنونا جديدا لقمة التجاوزات والفوضى التي يستفيد منها كثيرون وتنعكس سلبا على كثيرين أيضا سواء مؤسسات أو مارة أو سكان وأحياء وصارت مدينة وهران مجرد رحبة كبيرة تتكدس فيها السيارات ومختلف المركبات دون أي نظام وفي أحيان كثيرة دون تدخل الجهات المعنية ذات صلاحيات توقيف ودحر هذه التجاوزات . وعلى ذكر هذا الوضع الكارثي الذي تعرفه مدينة وهران يبرز مشكل الحظائر وأماكن توقيف السيارات عنوانا بارزا في سجل مشاكل وعوائق هذه المدينة وتتقاسم مسؤولية حلها البلدية والولاية تتوفر بلدية وهران على 172 حظيرة علما أن البلدية موكل إليها تنظيم الحظائر الموجودة في الأحياء والشوارع الرئيسية والثانوية في حين أن مشاريع إنجاز الحظائر ذات طاقات الإستيعاب الكبرى موكلة للولاية ورغم تقاسم المسؤوليات بين الطرفين فإن البلدية تجد صعوبة في تسيير ما لديها ولحد الساعة لا تزال هذه الأخيرة تفرط في مداخيل هامة تستغلها أطراف لحسابها الخاص دون دفع مليم واحد لا للبلدية ولا لمصالح الضرائب وقد جنى هؤلاء أموالا طائلة من هذه »الحيلة« وصار بعضهم يوظف غيره ويجني من ورائه. وحسب مصدر مسؤول من بلدية وهران فإن المشكل مطروح منذ 10 سنوات وربما أكثر ويزداد تفاقما سنة بعد أخرى بسبب عوامل كثيرة منها توسع المدينة عمرانيا وسكنيا وكثرة المشاريع التي إنطلقت بها في إطار تحديثها وتجميلها وأمام هذا الوضع المتأزم لحالة الحظائر والتوقف كانت لجنة النقل والمرور قد قدمت ملفا مفصلا تضمن تصورا لكيفية التنظيم وإعادة التهيئة وتضمن هذا المشروع الذي تم تقديمه في 2008 للهيئة التنفيذية لبلدية وهران كل تفاصيل عن الوضع الحالي السعة طاقة الإستيعاب العناوين أوقات التوقف أو الركن ليلا أو نهارا متطلبات الأمر عدد الأشخاص الذين بإمكانهم السهر على العملية الموارد البشرية والمالية لحسن التأطير وغيرها من الأمور وقد وجه هذا الملف المفصل إلى الهيئة التنفيذية التي رفضته في 2010 خلال عهدة رئيس البلدية السابق لأسباب مجهولة واكتفت الهيئة التنفيذية بتبرير ذلك بإنشغالها بأولويات أخرى ذات أهمية أكبر . إنتظروا إلى 2012... وقد تم تقديم الملف مرة أخرى لرئيس البلدية الحالي السيد حصام زين الدين فوافق عليه وسيتم النظر في الموضوع وتطبيق مشاريعه في سبيل وقف هذه الفوضى وإعادة الأمور إلى نصابها بداية من جانفي 2012 لأنه من غير المعقول أن يبقى قطب إقتصادي مثل وهران غارقا في مثل هذه الفوضى التي إنعكست على سمعة المدينة حتى أصبح القادم إلى وهران كالساعي إلى جهنم يحسب ألف حساب لتجنبها وتفادي مشاكل التوقف أو الركن وصرنا نرى مركبات متوقفة في إتجاهات معاكسة في الوضعية الثانية والثالثة فوق الأرصفة فوق ممرات الراجلين عند مداخل المدراس، المستشفيات وحتى في قلب حركة المرور وسط الطريق فإذا أراد صاحب سيارة إنزال شيء أو تعبئته فإنه لا ينشغل كثيرا بغيره من السائقين الموجودين خلفه فليأخذ كل وقته في إنجاز ما يريد رغم إنطلاق أصوات المنبهات وراءه ونفس الشيء بالنسبة للركن فتجد الوضعية الثانية والثالثة في كل الشوارع ولايهم إذا كانت ضيقة أو حيوية. وتعيش كل شوارع وهران الكبرى والصغرى وأماكن الركن من الحظائر الكبيرة والصغيرة أيضا كارثة كبرى لأن لا أحد مسؤول عنها مما فتح شهية كثير من الأفراد إلى إمتهان حرفة جديدة وهي الحراسة مقابل بعض الدنانير ومع إستمرار تخلي البلدية عن شوارعها وأماكن التوقف والركن زادت شهية العساسة وزاد عددهم فصار كل واحد يستقل بشارع أو يمتد به الطمع إلى توظيف شباب آخرين في شوارع أخرى ويصبح هو صاحب العمل وكثيرون حققوا أرباحا فاحشة من هذه المهنة مفوتين على البلدية مداخيل هامة. هذه الحرفة الجديدة أفرزت مجموعات عمل أو بالأحرى مجموعات سيطرة وضغط فهناك شوارع وأزقة وحظائر يملك لأصحابها الذين إحتلوها دون وجه حتى أوقانون ولا يحق لأي أحد الإقتراب أو مجرد التفكير في المجيء لحراسة سيارة وأخذ بعض المال من أصحاب المركبات . الظاهرة التي إنطلقت في وهران ثم إستأسدت كانت هذه المدينة أول مرتع لها فساباقا لم تكن موجودة في مدن أخرى مجاورة كبلعباس وتموشنت وتلمسان ومستغانم وبعد أن إهتدى الشباب إلى ذلك إستحوذوا على ما أمكن صار أشخاص آخرون يأتون من ولايات أخرى ل »العمل« خاصة من غليزان فقد وجدت البلدية شبابا وكهولا قادمين من هذه الولاية ل »العسة« لقد صار هؤلاء الحراس يعرفون ب »المطارڤية« لأن الجميع يحمل العصي إما للحراسة أو لإشهارها في وجه من لا يدفع لهم من أصحاب المركبات لأن من بين هؤلاء الأخيرين من لا يريد الدفع بحجة أن هؤلاء لا يحرسون شيئا وفي كثير من الأحيان يبتزون الناس فقط ويضيف هؤلاء أن كثيرا من الحراس سراق ولصوص ومعتدين يلجؤون إلى هذه الحيلة لتسهل عليهم عملية اللصوصية. وقد أكد مصدرنا من بلدية وهران أن عملية الحراسة في وهران وإحتلال الأماكن وتسخيرها للصالح الخاص يقف وراءها لوبيات منظمة تعمل جاهدة على إبقاء الوضع على حاله غارقا في الفوضى لأن مصلحتها في هذه الفوضى وتسخر هذه المجموعات شبكات من الشباب لإحتلال الأماكن وتطويقها لتصير ملكية خاصة وتجني كثيرا من المال لصاحب العمل الذي يدفع لهؤلاء الشباب »مرتبا« كل نهاية أسبوع. ولم تعد الحراسة اليوم في متناول الأفراد لأن لوبيات تسيطر عليها ثم تفتح »مناصب« عمل لمن يريد أن يشتغل وبشروط من ضمنها الإتفاق على إعطاء صاحب العمل مبلغا معينا يوميا ثم في نهاية أسبوعين أو شهر يتسلم »العساس« راتبه وفي كثير من الأحيان يحقق الحارس رقما أكبر مما طلب منه الشخص الذي وظفه فيعطيه المبلغ المتفق عليه ويحتفظ بالباقي ويتسلم مرتبه. أكثر من ذلك في بعض الأحيان تكون السيارات مركونة في الوضعية الأولى العادية ويصر الحارس على أن يركن السائق مركبته في الوضعية الثانية فقط ليأخذ منه 20 دج أو 30 دج وبعد ذلك يأتي أعوان الأمن لتغريم صاحب السيارة ويكون الحارس قد أخذ نصيبه وانزوى في مكان بعيد يتفرج . لوبيات تأكل أموال البلدية وقد شهدت كثير من الحظائر غير القانونية إستغلال بلدية وهران لإضفاء الشرعية على عملها فقد وجد لدى بعض الحراس تذاكر مكتوب عليها بلدية وهران يسلمونها لأصحاب السيارات ليأخذوا منهم أكثر من 30 دج فيطالبونهم ب 50 دج أو 60دج بحجة أن البلدية ستدفع الضرائب والمكان مؤمن ولاخوف على المركبات وهذا في حد ذاته إنتحال صفة يعاقب عليها القانون ونفس الظاهرة تتكرر في مواسم الصيف والعطل في بلديات الطنف الوهراني حيث يتم طبع تذاكر بإسمها فقط لإبتزاز الناس. للعلم كانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية قد أصدرت قرارا في 2006 تعطي بموجبه هذه الحظائر للشباب في إطار تعاونيات تعاضدية لتوفير مناصب عمل وتنظيم الوضع وتقنين المهنة وتأمين المركبات والقضاء على الفوضى لكن لحد الآن لم يقدم أي ملف بإستثناء ملفا واحدا قدم للموارد البشرية لبلدية وهران. من جانبها تحدثت إتحادية جمعيات التجار والحرفيين عن المشكل العويص الذي تتخبط فيه وهران بالنسبة للمواقف والحظائر وأرجعت ذلك إلى أشغال الترام وأكد لنا ممثلها أن الإتحادية ليست ضد المشروع بل بالعكس فهو مكسبا خاصا لوهران لكن المشكل المطروح أنه كلما تقدمت الأشغال كلما زاد الغلق فالشوارع المغلقة صار يزداد يوما بعد يوم وإختنقت الحركة في وهران بشكل لافت والأجدر كما يقول محدثنا أنه كلما تم الإنتهاء من شطر يتم فتح الطريق للتخفيف من هذه المشكلة التي زادها منح الإعتماد لكثير من تعاونيات سيارات الأجرة في إنتظار إعتمادات ستمنح لتزيد الفوضى وقد صار الطاكسي بمثابة وسيلة نقل حضرية تلعب دور الحافلة في حين أن الطاكسي في كل دول العالم هو وسيلة نقل للرفاهية وهنا يطرح دور الحافلة التي لم تعد تلعب دورها فكثير من هذه الحافلات يغير المسار أو يقلصه أو يرمي بالركاب في منتصف الطريق ليعاود الرجوع إلى محطة الإنطلاق...