يبدو أن أزمة السكن بولاية معسكر لا تقتصر على العجز في تلبية الطلبات المتراكمة على السكن، وإنما تبدأ من غياب التحكم في المعطيات الخاصة بالقطاع، وتنتهي باختلال في توزيع البرامج السكنية من حيث أنماطها، مرورا بسوء توزيع هذه الحصص على مختلف البلديات، وسوء توزيع السكنات على المستفيدين. وكل هذه الاختلالات لا تخفى على كل مدقق في الأرقام والمعطيات التي تقدمها الهيئات المعنية بقطاع السكن وسنقتصر هنا على بعض التناقضات التي وردت على لسان مسؤول استضافته حصة منتدى إذاعة معسكر يوم الاثنين الفارط، إذ بينما يستبعد حل أزمة السكن في الولاية على المدى المنظور، يؤكد من جهة أخرى أن حجم البرامج السكنية المسجلة لصالح الولاية منذ جانفي 2005 إلى اليوم تحتوي على 59753 وحدة سكنية من مختلف الأنماط وأن 23058 مسكن منها هو من النوع الاجتماعي الإيجاري، والنوع الموجه للقضاء على السكن الهش، في الوقت الذي يقدر فيه عدد الطلبات على السكن ب20 ألف طلب مما يعني بأن مايجري إنجازه من سكنات يفوق حجم الطلبات، وهو ما يخالف الواقع ويخالف حتى أرقاما أخرى قدمها مسؤولو قطاع السكن، لوزير السكن والعمران في آخر زيارة له للولاية نهاية العام الماضي، ومنها تقديرات رفعت عدد الطلبات على السكن بالولاية إلى 54 ألف طلب، وهو حاول ضيف الاذاعة تبريره بكون الرقم الاخير يضم ايضا الطلب على السكن الريفي، ولكن حتى في هذه الحالة فإن البرامج السكنية المسجلة ستقضي على أزمة السكن مادام ذات المسؤول قد حددها 59753 وحدة سكنية أي ما يزيد عن 6000 وحدة أكثر من الطلب، وهذا ايضا يخالف الواقع، ويثبت وجهة نظرنا بعدم التحكم في المعطيات الاساسية التي تمكن من التشخيص الدقيق لأزمة السكن بولاية معسكر. ضيف الاذاعة، أشار ايضا الى 39444 وحدة من إجمالي برنامج السكن المسجل، هي عبارة عن مساعدات للسكن الريفي، وإذا علمنا أن نسبة سكان الريف في الوقت الراهن لا تتعدى 24٪ من اجمالي عدد سكان الولاية يتبين لنا كيف أن حوالي 90٪ من البرنامج الولائي للسكن، موجه لتلبية طلبات 24٪ من سكان الولاية بينما يذهب النصف الباقي لتغطية طلبات 36٪ من سكانها، فهل يمكن تسمية هذا التوزيع، توازنا بين الريف والحضر في مجال السكن؟ بل حتى توزيع السكنات الريفية على كثرتها لم تنج من احتجاجات سكان الريف، الذين اشتكى بعضهم من حرمانهم منها، رغم أن الولاية بأسرها لا يتواجد بها سوى 500 دوار، حسب إحصاءات المشرفين على البرامج الجوارية للتنمية الريفية المندمجة، ولو تم تقسيم برنامج السكن الريفي على هذه الدواوير بالتساوي لكان نصيب كل دوار حوالي 59 مسكن، فلو تم الإحصاء الدقيق للطلب على السكن الريفي، لتمت تلبيته كله خلال الخماسي الأول مما يسمح بالتفرغ للقضاء على أزمة السكن في المناطق الحضرية. ضيف الإذاعة نفى أن تكون الحظيرة السكنية التي يحسب على أساسها معدل شغل السكن، مضخمة، بحجة أن السكنات التي يهدمها الزلزال أو الكوارث الطبيعية، تعوض بسكنات جديدة ومنها ما يرمم وكذا السكنات الفوضوية والقصديرية لا تحسب ضمن الحظيرة السكنية، بينما أكد لنا أحد الاعوان المشاركين في الاحصاء العام للسكان الذي يتم كل 10 سنوات أن كل أربعة جدران فوقها سقف تحت عائلة يعتبره الاحصائيون مأوى، وبالتالي يحسب ضمن الحظيرة السكنية، وهوما يفسر سوء تقدير السلطات العمومية للاحتياجات الحقيقية في مجال السكن. مسؤول مصلحة السكن بمديرية السكن والتجهيز العمومي قدر في الحصة الاذاعية، عدد السكنات الهشة بولاية معسكر بحوالي 6 آلاف مسكن (وبالضبط 5942 وحدة) حسب الاحصاء الذي جرى في 2006، والذي تم اعتماده كأساس لتوزيع برامج السكن الخاصة بالقضاء على السكن الهش، رغم أنه أغفل عدد السكنات الهشة المتواجدة ب12 بلدية أي ربع 1/4 عدد بلدات الولاية. وهو ما جعل 3 بلديات فقط معسكر والمحمدية وسيڤ تستحوذ على 53٪ من إجمالي حصة ولاية معسكر من برنامج السكن الموجه للقضاء على السكن غير اللائق (النسبة تخص برامج قنوات 2006 إلى 2009) ومع ذلك نتلقى في كل مرة ردا بأن التوزيع يراعي عامل التوازن الجهوي والسؤال الذي يطرح في هذا الشأن، هو إذا كان قطاع السكن عن القيام بإحصاء دقيق للسكنات الهشة رغم محدوديتها فماذا نقول عن احصاء الحظيرة السكنية للولاية كلها، وما يطالها من زيادة ونقصان لعوامل مختلفة؟ والأغرب أنه لا السلطات المركزية ولا الولائية تأخذ بعين الاعتبار نتائج احصاء السكن الهش بالولاية إلا عندما يتعلق الامر بتوزيع حصة الولاية على البلديات، بدليل أن هذه الحصة قاربت 11 ألف مسكن لامتصاص البناء الهش في الخماسيين، أي »ضعف« السكنات المحصاة، مما دفع والي ولاية معسكر إلى الأمر بإعادة إحصاء هذا النوع من السكنات عبر الولاية، غير أن ذلك لن يعوض مافات بعض البلديات من حصص سكنية جراء إحصاء غير دقيق. بقي أن نشير إلى أننا ما فتئنا نسجل هذه الملاحظات والنقائص في التكفل، بملف السكن على مستوى ولاية معسكر منذ عقدين من الزمن، دون تكلف الجهات المعنية نفسها عناء تصحح الوضع. متبنية مبدأ »معزة ولو طارت«