تميّزت، العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، بين فرنساوالجزائر منذ 2012 بحركية غير مسبوقة، ويعرف التعاون الثقافي والعلمي والتقني هو الآخر، تجددا، كما عرفت العلاقات الاقتصادية والتجارية تطورا بشكل سريع منذ 1999، تاريخ تولي رئيس الجمهورية،عبد العزيز بوتفليقة، الحكم باعتبار الجزائر شريكا "هاما" في عديد الملفات وتتصدرها في المقام الأول الأزمة الليبية والأمن في منطقة الساحل. وتحاول، باريس، كإحدى أولوياتها إعادة بعث المبادلات الاقتصادية بينها وبين الجزائر في وقت تركت فيه مكانها كأوّل مزود لافريقيا للصين، ومن بين القطاعات ذات الأولوية صناعة السيارات والصيدلة والصناعات الغذائية، لتبقى فرنسا أوّل مستثمر خارج مجال المحروقات، وأوّل موظف أجنبي في الجزائر ب 40 ألف وظيفة مباشرة ومئة ألف وظيفة غير مباشرة. لهذا ستعرف زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر الالتفاف قدر الإمكان على هذا الجانب وإعطاء الأولوية للاقتصاد، فهي تأتي بعد وضع مصنع "بيجو " للسيارات قيد الخدمة، إضافة إلى أن الجزائر تعتبر شريكاً اقتصادياً مهماً لفرنسا، فالجزائر تستورد منها ما قيمته 4.7 مليارات دولار، وتُصدّر إليها ما قيمته 3.2 مليارات دولار، ومعظمها محروقات (إحصائيات 2016)، أي بفائض لصالح فرنسا بقيمة 1.5 مليار دولار". وسيحاول الرئيس الفرنسي حسب المتتبعين الخروج من هذه الزيارة بمكاسب اقتصادية، خصوصاً بعد فرض الجزائر رخص الاستيراد ومنع العديد من المنتوجات، والتي تضررت منها الزراعة الفرنسية مثل الحمضيات والتفاح". وتعكس المبادلات الفرنسية الجزائرية النوعية العالية للحوار السياسي بين البلدين وإرادتهما المتقاسمة في تعميق المباحثات حول المسائل الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك حسب ما أفاد به بيان شترك صادر عن الطرف الفرنسي، وكانت الديبلوماسية الجزائرية قد أكدت أن الطرفين سيعكفان "أساسا على دراسة وضعية الشراكة الاقتصادية الثنائية وآفاق توسيعها وتكثيفها"، كما سيتم استكمال المشاريع الواعدة في مجال التعاون الصناعي وترقية صادرات المنتوجات الجزائرية، لاسيما الفلاحية منها و مناقشة المسائل المتعلقة بالتعاون متعدد القطاعات والاستثمار معلنة عن توقيع عدة اتفاقات. ملف آخر يبرز في العلاقات الفرنسية الجزائرية، يتعلق بمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، وهو ملف تتداخل فيه المواقف بين البلدين، خصوصاً أنه يأخذ سياقاً جغرافياً تكون فيه الجزائر طرفاً رئيسياً، بسبب النشاط المستمر للمجموعات الإرهابية المتحالفة مع شبكات تهريب المخدرات والبشر والجريمة المنظمة في منطقة شمال مالي الحدودية مع الجزائر وفي مجمل منطقة الساحل، وصولاً إلى منطقة جنوب ليبيا التي تعرف انتشاراً رهيباً للسلاح وتهريب البشر. ملف آخر، سيكون له حصّته ضمن الزيارة، ولا يمكن للطرف الفرنسي التغاضي عنه، ويشكّل نقطة رئيسية في العلاقات الجزائرية الفرنسية، هو ملف الذاكرة والتاريخ العالقة بين البلدين، ويظل ملف الذاكرة الدامية بين البلدين، المؤشر الرئيسي الذي يحكم توجهات الرأي العام والمواقف بشأن العلاقات الجزائرية الفرنسية، وتبقى أبرز الملفات التاريخية العالقة، هي التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في منطقة رقان، مع إحصاء ما يزيد عن 42 ألف ضحية لهذه التجارب من المرضى المصابين بأمراض قاتلة، فيما لا يزال ملف الضحايا عالقاً، بسبب مماطلة السلطات الفرنسية في إقرار حقوقهم. ويرى متتبعون، أن عامل الذاكرة يبقى رئيسيا في تحديد العلاقات بين الدول، وهو ما ينطبق على العلاقات الجزائرية الفرنسية، والدليل وقوف هذا العامل كحاجز أمام محاولة توقيع معاهدة صداقة بين الجزائروفرنسا في عهد جاك شيراك، خصوصاً بعد صدور قانون 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار في فرنسا". وكان وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، قد اشترط، في تصريح له عشيّة زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، اشترط على باريس تقديم اعتذار علني عن جرائم الاستعمار الفرنسي، من أجل التطبيع الكامل للعلاقات الجزائرية الفرنسية.