نظمت المكتبة الرئيسية للمطالعة مولاي بلحميسي بمستغانم بمناسبة الذكرى ال 57 لأحداث 11 ديسمبر 1960 ، ندوة تاريخية نشطها كل من الدكتور عمار بلخوجة ، الكاتب والمخرج السينمائي عبد الرحمان جلفاوي وكذا المخرج السيمنائي مصطفى عبد الرحمان الذي قدم أول كتاب له بعنوان "دروب الذاكرة " . وقد حضر المداخلات عدد من متتبعي الشأن التاريخي من مثقفين ، فنانين ومحبي تاريخ الجزائر، إلى جانب تلاميذ ثانويتي أول نوفمبر 1945 والشهيد محمد خميستي، حيث قدم المؤرخ والباحث في تاريخ الجزائر عمار بلخوجة مداخلة بعنوان "11 ديسمبر إرادة حرة" ، أشار من خلالها إلى أن الهبة الشعبية التي التفت حول جبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بعد 6 سنوات من النضال، لم تأت من العدم، وإنما لها قاعدتها التي ترتكز عليها بدءا من أحداث 20 أوت 1955 ، والتي كان الهدف منها تكذيب ادعاءات الإدارة الاستعمارية الفرنسية التي اتهمت الثوار بأنهم قطاع طرق ومجرمين ، ثم عرّج على أحداث صنفها في خانة التحدي للقوة الاستعمارية كإضراب 7 أيام أ ي من 28جانفي إلى 4 فبراير 1957، و التي شلت الحياة بكل الجزائر ، فضلا عن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 التي نقلت على إثرها جبهة التحرير الوطني الثورة إلى فرنسا ، لمواجهة هذه الشحنة الشعبية المضادة للتيار الاستعماري، وبعد اعتلائه السلطة بفرنسا زار الجنرال ديغول الجزائر سنة 1958 وفي حقيبته سياسة العصا والجزرة ، حيث رفع من تعداد الجيش الفرنسي (من 300 ألف إلى 700 ألف) ، طبق سياسة الأرض المحروقة ، اقترح سلم الشجعان وكذا الاستفتاء ، من جهة أخرى وبهدف تكسير الثورة وجلب الشعب إليه طرح مشروع قسنطينة الذي فتح عالم الشغل ، الصحة والتربية... أمام الجزائريين يوم 9 ديسمبر 1960 عاد ديغول إلى الجزائر بهدف جس النبض حول مدى قبول الجزائريين لسياسته ، حيث زار عين تموشنت ، ثم انتقل إلى وهرانفالجزائر العاصمة ، وأينما ذهب وجد ردود أفعال مناهضة لسياسته ، علما أنه تزامنا مع هذه الزيارة كان يوجد ما لا يقل عن مليوني جزائري في المحتشدات وبين مليونين إلى 3 ملايين جزائريين آخرين لاجئين موزعين عبر دول الجوار المغرب و تونس، المحتشدات ومراكز التعذيب وفي الأخير تحدث المؤرخ عمار بلخوجة مطولا على دور الأطفال والمرأة في هذه الثورة التي قلبت كل الموازين وانتهت بتحرير الجزائر في 1962 . /////////////////////// انطباعات رصدها : بن عاشور عمار بلخوجة / مؤرخ وباحث في تاريخ الجزائر : " التاريخ هو الكثير من الماضي والقليل من الحاضر " كل شرائح الشعب الجزائري ساهمت في تحرير الجزائر، بما فيهم النساء وحتى الأطفال ، حيث أن الكل هب كرجل واحد وتحمل الجميع مسؤوليته دون ملل أو كلل لإخراج المستعمر الذي طال أمده في الجزائر ، أذكر من بين الأطفال "صالحة واثيقي" 12 سنة و "نجية خوجة" 12 سنة كذلك ، حيث فضلتا رفع العلم الجزائري والسير في المسيرات، وفي الأخير الإستشهاد بدل اللعب ، كان الجيش يكره رؤية العلم الجزائري وقد حملت هاتين الشابتين في عمر الزهور العلم الوطني ،عندها لم يتردد الجيش الفرنسي لحظة في إطلاق النار عليهما وعلى أطفال آخرين ، أخاطبكم أنتم تلاميذ الثانويات وأقول لكم ابحثوا عن تاريخكم واطلعوا عليه ، لأنه كما يقول أحد الفلاسفة ، التاريخ هو الكثير من الماضي والقليل من الحاضر . //////////////////// جلفاوي عبد الرحمان / مخرج سينمائي وكاتب : " لدينا نقص كبير في الصور التاريخية و نحتاج لمئات الكتب حول التعذيب " نعاني نقصا فادحا في الصور الخاصة بتاريخنا المعاصر ، أعني سنوات الثورة التحريرية (1954/1962) ، حيث أننا نشعر بأن جزء من تاريخنا غير معروف وقد فقدته ذاكرتنا ، عبد الرحمان مصطفى كتب كتابا واحدا حول أحداث التعذيب، في حين نحن بحاجة إلى كتابة مئات أو آلاف الكتب حول التعذيب ، الفرنسيون وحدهم يكتبون سنويا حوالي 500 كتاب خاص بالأهرامات المصرية كما يطرحون مئات الآلاف من الصور سنويا ، نحن لدينا آلاف من الصور حول الثورة التحريرية، اللاجئين ، المعارك ، المحتشدات ... وقد قام بهذا العمل كل من اليوغسلافي " ستيفان لابودوفيتش " الذي توفي مؤخرا وكذا محمود كوامي و أرقوي أرزقي وغيرهم، لكننا لم نجمعها إلى حد الآن ، وأعتقد أنه حان الوقت لجمعها وطرحها أمام شبابنا لكي يتعرفوا على تاريخهم . ///////////////////////////////// مصطفى عبد الرحمان / مخرج سينمائي: " هناك فراغ رهيب بخصوص تدوين تاريخ الجزائر " اليوم ولأول مرة أقدم كتابي "دروب الذاكرة" وهو ثمرة عمل متواصل دام 30 سنة ، يحمل عددا كبيرا من الصور المأخوذة بمراكز التعذيب عبر عدد من مناطق الجزائر (سيدي علي ، سفيزف ، بطيوة ، معتقل قصر الطير ، معتقل وادي الخير ، مغارة أولاد رياح التي خنق بيليسيا فيها 1200 جزائري...) ، وكذا صور لمن عايشوا تلك الأحداث المؤلمة ، كما يحمل هذا الكتاب صور عن منطقة الأغواط التي استعمل فيها الاستعمار الفرنسي مادة الكلوروفورم التي قتلت في يوم واحد 2800 جزائري ووضعوهم في أكياس قبل دفنهم، لما نقلت هذه الشهادات إلى فرنسا لم يصدق الفرنسيون ما فعله أباؤهم بالجزائريين ، لكن أمام الأدلة الدامغة تأسفوا وعندها اتضح لهم أن ما كان ينقل إليهم كله كذب وافتراء ما هو أكيد أن هناك فراغ رهيب بخصوص تاريخ الجزائر من حيث الصورة ، الكتابة ، الفيلم ... للكشف عن المحارق ، مراكز التعذيب (أكثر من 2000 مركز) ، بعد هذا الكتاب أفكر في كتابة كتاب آخر حول الذاكرة .