الصورة الأولي حدث ستانسلافسكي قال.. كنا نحضر للموسم المسرحي الجديد لكن لم يكن عندنا مسرح فتطوع أحد الأصدقاء وإعطانا جزء من ضيعته، ولم يكن عندنا ما ندفعه لمن ينظف المكان الذي كانت تملؤه الزبالة، فتحولنا جميعنا إلى عمال بمن فيهم أنا كبير المخرجين، ونظفنا المكان ثم هيأنا قاعة للمتفرجين وأقمنا ركحا للتمثيل، كما هيأنا قاعتين للاستراحة واحدة للرجال والثانية للنساء ، وكذلك رواقا للممثلين للاستراحة وتغيير الملابس وكانت ضيعة صديقنا تبعد عن موسكو بحوالي ثلاثين كيلو مترا فاضطررنا للقيام بها . وبدا استعدادنا بقراءة نص " تولستوي " ووضع مخطط الإخراج وتوزيع الأدوار ورسم مخطط السينوغرافيا والملابس، توليت أنا الإخراج وتولى صديقي " داشنينكو" التسيير والتصاميم الخاصة بالملابس والسينوغرافيا ، أثناء البروفات وقعت ملاينات بين ممثلين فاتفقت و " داشنينكو" علي دعوة الجميع إلي اجتماع وعقد محاكمة للمتلاسنين وقمنا بتعنيف المتلاسنين وبالإجماع قررنا طردهما ليكونا عبرة للآخرين، إلا أنه وقعت ملاسنات أخرى وهذه المرة قمنا بتغريم المتلاسنين ماديا، هكذا يعاقب ستانسلافسكي الممثلين بفرقته أولائك الذين لا يلتزمون بأخلاقيات الحرفة أو يستعلون على أصدقاء لهم. كان الجميع يخاف ستانسلافسكي ويحترمه كذلك والجميع يعرف أنه استبدادي وديكتاتوري في إجراء البروفات وتلك من الخصال التي تسجل له ، كذلك ولولا تلك الشدة كانت الأمور تفلت من يده وما كان يصل إلى أهدافه التي جعلت منه معلما أستاذا مستنيرا في المسرح لتصبح طريقته ونظرياته تدرس في مختلف أنحاء العالم. الصورة الثانية لو نظرنا إلي هذه الواقعة الستانسلافسكية وإلى أسلوب التعامل في بعض المسارح عندنا، وأقول البعض وكذا إلى تعامل الممثلين بين بعضهم البعض ومع المخرج أو المسير وكذا تعامل المخرج مع فريقه، فإننا نجد أن الأغلبية لا تعرف الاحترام فيما بينها ولا مع المخرج الذي هو سيد العمل كما يقول ستانسلافسكي، إذ كثيرا ما تحدث مناوشات وخصومات تكون أحيانا عنيفة وتخلف آثارا ولا يعاقب المتسبب فيها لا طرد ولا تغريما، لأن نقابة العمال تقف خلفه ولا أدلة وشواهد على ذلك ،لكننا لن نذكرها الآن تفاديا لأي منقلب آخر ولا يحسبه البعض تشهيرا منا بهم وقد وقفنا على شواهد أخرى أعنف أي أن هناك من الممثلين من كان مثلا يركل برجله باب مكتب المدير، إذا لم يوزع، و يدخل عليه ويسمعه أقبح الكلمات، وهناك من كان يفرض نفسه فرضا بهدف أن يكون في جولة مع الفرقة حتى وإن لم يكن يؤدي أي دور . في العمل وقائع نتجاوز ذكرها الآن وإن دعت الضرورة عدنا إليها وذكرناها بالتاريخ وللتاريخ كل ذلك يحدث ، ويقوم الاتحاد العام للعمال الجزائريين بحماية المعني وفي رأيي الخاص إن نقابة الفنانين لا بد أن تكون غير اتحاد العمال وتكون قوانينها وأهدافها غير قوانين وأهداف الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لذا أصبح الآن من الضروري والعاجل تأسيس نقابة خاصة بالفنانين والممثلين نقابة فنية ومهنية ومستقلة لا ينال عضويتها من ليس ممثلا أو مخرجا حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما يقال وهي التي تحدد العقاب وتحدد الجزاءات والخطوط الحمراء التي لا يمكن لأي كان تجاوزها صورتان مختلفتان وددت إيرادهما أملا في أن يظهر عندنا شبه ستانسلافسكي ليُشدّ كل واحد من أذنه ويلزمه حدوده .