في شوال سنة عشر من النبوة خرج الرسول صلى الله عليه وسلم الى الطائف على بعد حوالي 60كم من مكة ماشيا على الأقدام رفقه مولاه زيد بن حارثة لدعوة قبائل ثقيف إلى الإسلام بعد أن تنكرت له قريش ولما بلغ الطائف جلس إلى ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف هم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي يدعوهم إلى الله تعالى فلم يهتدوا وأقام في الطائف عشرة أيام يكلم أشرافهم فقالوا له اخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم فسبوه ورموه بالحجارة حتى أدموا قدميه وأصابوا زيدا في رأسه وألجأوه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة على بعد 3كم فرجعوا عنه فجلس تحت شجرة للعنب حزينا كئيبا كاسف البال قائلا دعاءه الشهير (( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا ارحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟أم إلى عدو ملكته أمري ؟إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك )) هذه ثقيف التي دعاها الرسول في ديارها فلم يسلم منها أحد قد أشرق عليها نور الإسلام فعند رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من غزوة تبوك سنة 9هجرية لحق به في الطريق عروة بن مسعود الثقفي معلنا إسلامه وراد أن يدعو قومه إلى الإسلام فحذره الرسول (ص) قائلا له (( إنهم قاتلوك )) لان فيهم نخوة الامتناع فقال يا رسول الله انأ أحب إليهم من أبكارهم أو أبصارهم وكان فيهم محببا مطاعا ولما دعاهم إلى الإسلام رموه بالنبال فقتلوه وبعد أشهر تشاوروا في أمرهم ورأوا أن لا قبل لهم بحرب العرب وقد بايعوا واسلموا وقال بعضهم لبعض (( افلا ترون انه لا يأمن لكم سرب ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع )) فأتمروا بينهم وأرسلوا وفدا من خمسة رجال بقيادة عبد ياليل الحكم بن عمرو فخرج بهم الى المدينة فوجدوا المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق مسرعا ليبشر رسول الله (ص) ولقيه أبوبكر الصديق فاخبره بالوفد فاقسم عليه ألا يسبقه إلى رسول الله وقام بإخبار الرسول عنهم وعلمهم المغيرة كيف يحيون الرسول فأبوا وحيوه بتحية الجاهلية وضرب عليهم قبة في ناحية مسجده وكان خالد بن سعيد بن العاص يمشي بينهم وبين الرسول حتى كتبوا كتابهم وكانوا لا يأكلون طعاما من عند رسول الله حتى يأكل منه خالد حتى اسلموا وفرغوا من كتابهم وقد سألوا الرسول أن يترك لهم الطاغية (اللات) ثلاث سنوات فرفض ثم سنتين فسنة فشهر فلم يقبل فأبى إلا أن يبعث أبا سفيا ن والمغيرة بن شعبة لهمدها كما سألوا الرسول أن يعفيهم من تحطيم أصنامهم بأيديهم وان يعفيهم من الصلاة فأجابهم (( أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه وأما الصلاة فانه لا خير في دين لا صلاة فيه ))فقالوا له يا محمد فسنؤتيكها وإن كانت دناءة وقد أمر عليهم الرسول عثمان بن أبي العاص وكان أصغرهم لأنه كان حريصا على التفقه في الإسلام وتعلم القرءان وقد صاموا مع رسول الله ما بقي من رمضان 9هجرية وكان بلال بالفطور والسحور من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يقولون لبلال (( إنا لنرى الفجر قد طلع فيقول تركت رسول الله يتسحر لتأخير السحور ويقولون له ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها )) وقد عهد الرسول إلى عثمان بن أبي العاص الذي أمره على ثقيف فقال له (( يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم فان فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة )) وتم تهديم الطاغية وقضاء بعض الدين من أموالها وكان كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لثقيف كما جاء في سيرة بن هشام (( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين , إن عضاه وج وصيده لا يعضد من وجد يفعل شيئا من ذلك فانه يجلد وتنزع ثيابه فان تعدى ذلك فانه يؤخذ فيبلغ به إلى النبي محمد وان هذا أمر النبي محمد رسول الله ))و خالد بن سعيد بن العاص هو الذي كتب الكتاب بيده ومعنى عضاه وج وصيده لا يعضد تحريم الصيد وقطع النبات في البيت الحرام وقد وردت أحكام فقهية هامة في حوار وفد قريش منها تعجيل الفطور، وتأخير السحور في رمضان وتخفيف صلاة الجماعة رفقا بالضعفاء والمرضى وإمكانية استعمال الأموال المخصصة للأصنام لقضاء الديون للعاجزين عن دفعها وعدم ترك الصلاة لأنه لا خير في دين لا صلاة فيه كما قال صلى الله عليه وسلم.