أنْ نحتفي بالأدب، يعني أنَّنا نمتلك قدْراً من الحسِّ الحضاري،ويعني أنَّنا نريد أنْ ننسحب ولو قليلاً من دائرة الدهماء.وعندما يلتفت النادي الأدبي بجريدة الجمهورية بمبادرة من الصحفية المميَّزة علياء بوخاري ،إلى السعيد بوطاجين ، فذلك يعني أنَّنا نحارب الغيرة القاتلة والحسد الممقوت فنقدِّر جهوداً يبذلها الرجل بانتظام وعلى مرِّ السنين في الإبداع والنقد الأدبي والترجمة، وهو الذي إذا ما دُعي للمشاركة في المنتديات خارج الوطن، يكون خير سفير للوطن. نعم، كان يوماً جميلاً أسمع فيه الصديق (محمد داود)وهو يُقدِّم العريس تقديماً وافياً، وأرى الروائي بوزيان بن عاشور مدير الجريدة يسهر بنفسه على ترتيب الأمور في قاعة هي في الوقت ذاته متحف غني. التقيْنا حول: ((مرايا عاكسة)) للسعيد بوطاجين الكتاب الأخير الصادر عن:((الوطن اليوم))،حيث قطع الكاتب (كمال قرور) صاحب الدار كل هذه المسافة الشاقة ليُحضر لنا الكتاب في طبعته الأنيقة، ولعلَّه ما كان ليتحمَّل هذه المشقَّة لولا أنْ كانتْ تَرِنُّ في ذهنه الدلالة الشعبية لروايته: ((التَّرَّاس)). ((مرايا عاكسة))،كتاب يجمع المقالات التي كان ينشرها السعيد بوطاجين في النادي الأدبي بانتظام،فيها فيْضٌ من الإبداع الثقافي والأدبي، مُشوِّقة بلغتها وببحْثها عن المُغَّيَّب من تاريخنا في كثير من الحالات.وهي في جوهرها دعوة إلى مراجعة كثير من المواقف التي نتوهَّمها حقائق، يدعو فيها الكاتب ذاتَه قبل أنْ يدعو غيرَه، لأنَّه لا يؤمن باليقينيات المُدمِّرة. فهل كان لهذا اليوم الجميل أنْ يتحقَّق لولا أنْ اجتمع لتنظيمه هذا الثلاثي الجميل: كاتبٌ متفرِّد وصحفية نشيطة ومديرٌ مبدعٌ أيْضاً، وهل يمكن أن نرتقي إلى درجة من التحضُّر من غير حب الأدب؟ ! فشكراً لكل الذين مازالوا يؤمنون بمستقبل الإنسان وقيمة الأدب، ويسعوْن-جاهدين- لخدمة الوطن.