باستدعاء رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة للهيأة الناخبة تكون الجزائر قد دخلت مسار الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 18 أفريل المقبل وتعد أوّل انتخابات في ظل الدستور الجديد المراجع و المعدّل في فبراير 2016 والذي شهد انتخابات بلدية و أخرى تشريعية ، والذي جاء بتغييرات جوهرية في مواد ذات أهمية في الحياة السياسية ونظام الحكم و التداول على المناصب العليا في البلاد. ومنها على سبيل المثال ما تعلق بطبيعة الحكم أو تغيير الصلاحيات أو زيادتها لسلطة ما أو تقليص نفوذها و الفصل بين السلطات لضمان استقلاليتها وتكاملها. وإذا كانت التعديلات جوهرية جدا فتعطى الأولوية للاستفتاء الشعبي . وبحكم التمتع بحكم رئاسي فصلاحيات التعديل تعود للرئيس و أيضا نسبة معينة من النواب في المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة، ومن صلاحيات الرئيس استدعاء الهيأة الناخبة وتحديد موعد الانتخابات والسهر على مسارها، كما لم ينس الدستور الساهر على تأطير الانتخابات الضوابط الموضوعية المتعلقة بالمسائل التي لا يجوز تعديلها كنظام الحكم. ولا يمكن المساس بالطابع الجمهوري للنظام أو الطابع الديمقراطي المبني على التعددية الحزبية والحريات الأساسية وحقوق الانسان وسلامة التراب الوطني وهي كلها مسلمات والدفاع عليها واجب. وباستدعاء رئيس الجمهورية للهيأة الناخبة يكون موعد الانتخابات واختيار القاضي الأول للبلاد قد جاء في موعده والانتخابات آخذة مسارها الزمني رغم عديد الأقاويل والتشكيكات والتأويلات وذلك عهد من لا حجّة لهم من محاولي الاصطياد في المياه العكرة ومحاولة تفويت فرص البناء الديمقراطي وإرجاء الانتخابات إلى مواعيد لاحقة دون وجود مبرر لذلك وانّما الاعلان عن موعد الانتخابات هو دليل آخر على تواصل البناء المؤسساتي في البلاد وتعويد الجزائر سلطة وشعبا على ممارسات منتظمة وجادة تستمد روحها واستمراريتها وديمومتها من روح بيان أول نوفمبر والدستور الجديد ل 2016 والذي كان بمثابة تأسيس جمهورية ثانية في البلاد ويسهر تلقائيا من خلال المؤسسات التي استحدثها أو جدّدها على استمرارية التعددية وحرية العمل السياسي واستقلالية الرأي واحترام المواقف مهما امتدّت في المعارضة. وعن ذكر احترام المواقف لا يجب نسيان الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية والتي أكدت ولا تزال تؤكد نأيها عن الحياة السياسية والابتعاد عن محاولات جرّها إلى دواليب الممارسة السياسية فمهمتها أكثر جسامة تتمثل في الدفاع عن البلاد و تأمين حدود الدولة.