من يتحمل مسؤولية عزوف الناخبين عن أداء واجبهم الانتخابي ؟ تساؤل يطرح مرارا و تكرارا في كل موعد انتخابي , و مع ذلك لم نجد إجابة جامعة مانعة تحدد المتسبب في هذا المشكل المزمن , و نقصد هنا إجابة الجامعيين الأكاديميين عبر دراسات محكمة و موثقة . و في انتظار ذلك يواصل كل طرف استعراض الفرضيات التي التي تتوافق و وجهة نظره مثلما نحاول نحن طرح وجهة نظرنا في الموضوع . لقد علمتنا الاستحقاقات الانتخابية السابقة أن المشكل العويص الذي يواجه الطبقة السياسية يكمن في إقناع الناخبين بالمشاركة في التصويت و في التجاوب مع نشاطات و تظاهرات الحملة الانتخابية , الأمر الذي انعكس سلبا على نسبة المشاركة التي تدحرجت دون ال 50 % خلال الاستحقاقات الأخيرة , و أثر بالتالي على مصداقية المجالس المنتخبة . إنه الوضع المؤسف الذي تتحمل مسؤوليته في رأينا الأحزاب السياسية بالدرجة الأولى, لعجزها المزمن عن توسيع قواعدها النضالية , التي تشكل الركيزة الأساسية في نجاح أي موعد انتخابي . علما أن نجاح كل حزب معتمد في الجزائر في تجنيد 110 مناضلين (فقط)بكل بلدية من بلديات الوطن , يكفي لرفع نسبة المصوتين إلى أكثر من 50 في المائة . غير أن هذا العجز , لا يعفي الناخب من المسؤولية في فشل العملية الانتخابية , بسبب دوره السلبي في مثل هذه المواعيد الهامة التي يتقرر خلالها مصير الأمة . حيث يتعمد الكثير من الناخبين و يتهاون آخرون في استعمال حقهم في التصويت على من يرونه أهلا لتمثيلهم في مختلف المؤسسات الدستورية المنتخبة ، وفي كنف الضمانات التي أقرها الدستور والقانون لاحترام خيارهم الحر والسيّد . و بعد هذه الضمانات الدستورية و القانونية , لم يعد هناك ما يمنع الناخب عن التخلي عن سلبيته و التجاوب إيجابيا مع المواعيد الانتخابية , لأنه في غياب التصويت الإيجابي تفقد الديمقراطية الكثير من فعاليتها بتسرب الشعبويين إلى المجالس المنتخبة, و عبرها إلى مناصب المسؤولية و مراكز القرار , مما يهدد جميع المؤسسات الدستورية في الدولة . ولذا يمكن القول أن عملية الاقتراع مسؤولية فردية وتعتبر العمود الفقري للنظام الديمقراطي من خلالها تتم كل الخيارات المتاحة؛ من الحفاظ على النظام الحاكم ,أو تطويره, أو تغييره جزئيا أو جذريا .