حافظ الحراك الشعبي في جمعته الخامسة على زخمه نسبيا رغم سوء الأحوال الجوية في عدة ولايات بوسط وشرق البلاد, وظلت الشعارات المرفوعة خلال المظاهرات تعبر عن رفض الحراك لاستمرار النظام القائم, ورفض محاولات الاستحواذ على قيادته حتى من طرف أحزاب المعارضة. التي تصر من جهتها على اعتبار نفسها جزءا من الحراك, وشرعت في الزج بمناضليها للمشاركة في المسيرات والاعتصامات التي تشهدها ولايات الوطن, في حين لوحظت محاولات جهات استغلال الحراك كسند إشهاري لنفسها وتشهيري ضد خصومها, مما قد يحول التظاهرات إلى فضاء للترويج لمؤسسات خدماتية متنافسة. ولكن الخشية على الحراك الشعبي تأتي من المواقف المتصارعة ضمنه, والتي تتراوح بين المطالب المطلقة التي لا يحدها حد كمطلب التغيير الجذري والفوري للنظام بدون اقتراح البديل عنه, وبين المطالب التي تحدها المصالح الحزبية أو حتى الشخصية لأصحابها. إذ هناك أحزاب المعارضة التي لم تشارك أو انسحبت من مسار الانتخابات الرئاسية (المؤجلة), وهي أحزاب رحبت بإسقاط العهدة الخامسة وبتأجيل الانتخابات ولا تريد العودة إلى المسار الانتخابي إلا بعد تأسيس الجمهورية الثانية عبر جمعية تأسيسية ودستور جديد وحكومة كفاءات وطنية لتسيير مرحلة انتقالية. تذبذب في المواقف وهناك, أحزاب ترشحت للانتخابات (المؤجلة), وهذه رحبت بإلغاء العهدة الخامسة ولكنها رفضت تأجيل أو وقف المسار الانتخابي, حتى لا يذهب جهدها في تحضير ملف الترشح سدى, ولذا فهي تطالب بالبقاء تحت سقف الدستور واستئناف المسار الانتخابي . ثم هناك, أحزاب باركت كل ما أقره رئيس الجمهورية من تعهدات والتزم به من قرارات... ولذا فإن الحراك ليس في منأى عن محاولات هذه الأطراف وغيرها, الدفع به إلى تبني مواقفها الحزبية بل وطموحات قادتها الشخصية في استغلال الحراك الشعبي للوصول إلى سدة الحكم , والأخطر في هذه المواقف, هو ذلك الذي يسعى إلى شطب 57 سنة من استقلال الجزائر , ليقيم على أنقاضها «جمهورية» أخرى تناسب هواه. ولذا آن للحراك الشعبي أن يضع خارطة طريق لمساره نحو الجمهورية الثانية التي تلبي طموحات وتطلعات كل الجزائريين والجزائريات.