الشعب الجزائري يعشق الحرية ويهيم بحب الوطن ولا يرضى المهانة والذل لهذا تعددت ثوراته وانتفاضاته على الدول والأنظمة التي حكمته عند إحساسه بالظلم والتسلط والاستبداد فكانت الدول تأتي وتذهب من فينيقيين ورومان وبعد الفتح الإسلامي قامت عدة دول انتهت الى الزوال مثل الدولة الرستمية والحمادية والصنهاجية والزيانية قبل العهد العثماني الذي دام حوالي 370 سنة وكانت فيه الجزائر سيدة قوية مهابة الجانب لكنها تعرضت للاحتلال الفرنسي البغيض الذي قاومه الشعب الجزائري بقوة في ثورات شعبية عديدة مثل ثورات الامير عبد القادر واولاد سيدي الشيخ وبوعمامة واحمد باي والمقراني ولالة فاطمة نسومر وبومعزة والاوراس وبني شقران والزعاطشة ورغم ان الاستعمار الفرنسي استطاع إخماد تلك الثورات الملتهبة فان الشعب الجزائري لم يستسلم وواصل كفاحه بشتى الوسائل والطرق وظل يطالب بحقوقه المهضومة مستغلا الفرص المتاحة وقاد زعماء الحركة الوطنية والإصلاحية النضال السياسي عبر الأحزاب والصحافة والنقابات العمالية والحركة الكشفية والجمعيات الثقافية والرياضية وعندما انتهت الحرب العالمية حرج الجزائريون في مظاهرات سلمية بمدن الشرق الجزائري في الثامن ماي 1945 مطالبين الحلفاء الوفاء بوعودهم وتمكين الشعب الجزائري من حق تقرير المصير والاستقلال لكن فرنسا الناكثة للعهود فقمعت تلك المظاهرات بوحشية مستعملة مختلف الأسلحة الحربية ضد مدنيين عزل خرجوا في مسيرة سلمية مرخصة فسقط 45ألف شهيد في سطيف وقالمة وخراطة وعندما قامت ثورة أول نوفمبر 1954احتضنها الشعب وقدم لها كل ما يملك من مال ورجال وزاد ومأوى وتحمل القتل والسجون والمحتشدات بصبر وخرج في مظاهرات عارمة يوم 5جويلية 1955فسماه المناضل فرانز فانون باليوم العظيم وفي فبراير 1957نظم إضراب 8 أيام الذي شارك فيه التجار بقوة ثم مظاهرات 11 دسيمبر 1960 التي افشلت زيارة ديغول فقال)) لقد فهمتكم, ومظاهرات يوم 17 اكتوبر 1961 بباريس واضطرت فرنسا للدخول في المفاوضات وتوقيع اتفاقية ايفيان والاعتراف بحق الجزائريين في تقرير المصير والاستقلال وكانت فرحة الشعب عارمة فخرج الى الشوارع والساحات والطرق في المدن والقرى للاحتفال بالنصر العظيم ووقع الخلاف بين الحكومة المؤقتة وجيش الحدود ونشب القتال بين إخوة الجهاد فخرج الشعب في مظاهرات مناديا ((سبع سنوات بركات)) مساهما في إخماد نار الفتنة وواصل نضاله السلمي كلما أحس باختلال الوضع عبر الحراك الطلابي في الجامعات والتعليم الثانوي والربيع الامازيغي سنة 1980 تم مظاهرات الخامس أكتوبر 1988 التي أطاحت بنظام الحزب الواحد وما أعقبها من حراك شعبي قبل توقيف المسار الانتخابي والدخول في العشرية السوداء التي لم تمنع أحداثها الأليمة المواطنين من الخروج إلى الشارع في مظاهرات (عفوية تنديدا بالعنف ثم المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية سنة 1995رغم التهديدات وفي السنوات الأخيرة عبر الشعب عن سخطه بالاحتجاج في العديد من البلديات والولايات أخطرها كان في ولايتي غرداية وورقلة وفي 22فبراير الماضي بدأ الحراك الشعبي السلمي المتواصل للمطالبة بإلغاء العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة ومع استمرار المسيرات السلمية ونجاحها ارتفع سقف المطالب ليصل الإصرار على رحيل النظام الغارق في الفساد والجمود وقد انحازت اليه كل القوى الوطنية الحية وعلى رأسها الجيش الوطني الجزائري بقيادة الفريق قايد صالح رئيس هيئة الأركان الذي يعمل بجد على تنفيذ مطالب الشعب وتطبيق الواد 7و8و 102من الدستور وقد بدأت أمس ساعات الجد واقترب وقت الرحيل لنظام رفضه الشعب.