تزامنت أمس الجمعة السابعة عشر من الحراك الشعبي مع نهاية أسبوع متميزة عاشتها الجزائر بعد أن أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة العليا يوم الأربعاء 12 جوان حكما بإيداع الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الحبس المؤقت بسجن الحراش بتهم الفساد و تبديد أموال عمومية ، و إساءة استغلال الوظيفة، و منح منافع غير مستحقة خارج القانون في قضايا رجال الأعمال رضا كونيناف ،و محي الدين طحكوت ،و علي حداد. كما أودع وزير النقل و الأشغال العمومية السابق عبد الغني زعلان الحبس بسجن الحراش، فضلا عن الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال ، و وزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس على خلفية تهم الفساد ، و بهذه القرارات الصادرة عن المحكمة العليا تقطع العدالة الجزائرية شوطا هاما في مسار محاربة الفساد ،و معاقبة كل من عملوا على انتشار هذه الآفة المدمرة للاقتصاد حيث تسببت في جرائم استنزاف و تبديد المال العام و مخالفة القوانين في التسيير و الصفقات المختلفة ، و الاغتناء و اكتساب ثروات هائلة على حساب الشعب عبر استغلال النفوذ و المناصب السياسية التي يشغلونها. و يبقى القانون و إن طال موعد تطبيقه فوق الجميع ،و الحق عاليا لا يعلى عليه ،و إن كان رجال الأعمال المحسوبين على الجزائر قد استطاعوا خلال عقدين من الزمن أن يركبوا موجة السياسة في تحالف خطير مع رجال السياسة من وزراء و موظفين سامين أن يستولوا بغير وجه حق على ثروات الجزائر و أموال الشعب تحت مسمى مشاريع تنموية ،و صفقات ميزتها الأساسية و هدفها هو اكتساب ثروات ضخمة دون رقيب و لا حسيب في غياب الشفافية و احترام القانون و الحق لسنوات عديدة بشراكة مع في رجال سياسة فاسدين قادوا البلاد وحكموها تحت شعار التقشف و الأزمة في مخاطبة الشعب ، فيما استباحوا لأنفسهم كل حقوق التصرف في المال العام، و على كل المستويات حيث لا فرق هناك بين الموظف البسيط و الإطار السامي في الوزارة و الوزير وصولا إلى رئيس الحكومة مادام الفساد و التسيير السيئ لأموال الشعب هو الصفة الملازمة للحكم ، و الفساد و تجاوز القوانين هو النموذج الأمثل في التسيير يتبناه كل من أسندت له مسؤولية أو منصب قرار إلا من رحم الله من المسيرين النزهاء. إن إيداع تلك الشخصيات السياسية سجن الحراش يعتبر خطوة مهمة في مكافحة الفساد في انتظار الحكم عليهم حكما نهائيا و استرجاع الأموال التي استولى عليها هؤلاء الفاسدين و الإدانة في هذا المجال لا تكفي ،بل يجب محاسبتهم ، و هو أحد المطالب التي رفعها الحراك الشعبي ، كما أن هذه الخطوة لابد أن تكون بداية لعملية تطهير شاملة لفضاء الاقتصاد الوطني ،و العمل على تحقيق الشفافية في التعاملات و الصفقات ، و سيادة القانون ،و المحافظة على المال العام ،و المطلوب من العدالة و القضاء اليوم هو مواصلة هذه المحاكمات ،و التحقيقات للقضاء على بؤر الفساد، و الحيلولة دون بقاء رؤوس فساد أخرى في دواليب الحكم ، فسيف العدالة لا يمكنه أن يستثني هذا أو ذاك من العقاب ، فضلا عن أن الحراك الشعبي يقف بالمرصاد و يتابع كل صغيرة و كبيرة و يطالب بالمزيد ، مع إصراره على رحيل وجوه الفساد و النظام السابق ، و يبقى وصول مثل هذه الشخصيات السياسية ذات الوزن الثقيل إلى مرحلة المثول أمام قاضي التحقيق و إيداعهم السجن يمثل انتصارا كبيرا للحراك و للشعب الجزائري من أجل جزائر القانون التي يسترجع فيها الجزائريون حقوقه المسلوبة ، و سيادته و لهذا يجب على الجهات التي تملك مفاتيح الحل للأزمة أن تأخذ بعين الاعتبار المطالب الأساسية للحراك الشعبي التي لم تتم الاستجابة لها لحد الآن .