يواصل جهاز العدالة حملته على الفساد فبعد ملفات رجال الأعمال علي حداد ،و إسعد ربراب ،و الإخوة كونيناف ، و مثول الوزير الأول أحمد أويحيى و والي الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ أمام العدالة بمحكمة سيدي امحمد في الأسابيع الماضية ،فتح أول أمس الاثنين ملف ساخن و قضية مهمة مع رجل الأعمال محي الدين طحكوت ،الذي مثل أمام قاضي التحقيق على خلفية قضايا فساد و استفادة من امتيازات غير مستحقة اشترك فيها 45 متهما من بينهم موظفين في المؤسسات العمومية و المصالح الوزارية ،كما تم الاستماع إلى رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى و وزراء سابقين و ولاة سابقين و حاليين ،و هي قضية كبيرة و ضخمة من حيث التهم الواردة فيها و هي تبييض الأموال و تحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية -جرائم فساد – لإخفاء و تمويه مصدرها و تبديد أموال عمومية و إساءة استغلال الوظيفة عمدا لمنح امتيازات غير مستحقة على حساب القوانين،و من حيث صفة المتورطين فيها و هم موظفون من مؤسسات عمومية و مصالح وزارية ،و أكثر من ذلك وزراء سابقون فضلا عن رجل الأعمال محي الدين طحكوت و ابنه و شقيقيه ،و هي صورة مصغرة لقضية طحكوت و الخدمات الجامعية التي تحمل إلى الواجهة جانبا من جوانب الفساد السياسي و الاقتصادي الذي كان يطبع المرحلة السابقة وفق تحالف آثم بين رجال المال و السياسة الذين استباحوا لأنفسهم حقوق التصرف في أموال الشعب. هو الفساد إذن و سوء التسيير الذي ظل لعقود من الزمن ينخر الاقتصاد الوطني و يتفشى فيه مثل الوباء، يأتي على الأخضر و اليابس خاصة عندما يتحالف رجال السياسة من وزراء و من يعملون تحت إمرتهم مع رجال أعمال فاسدين يتسلقون سلم السلطة و يسطون دونما رحمة و لا وخز و تأنيب ضمير على ما ليس من حقهم كيف لا و قد وجدوا في هرم النظام و دوائر الحكم من يستغفلون الشعب، و يحلوا لهم أن يستولوا على المال العام بلا رقيب و لا حسيب ، مؤسف جدا أن تسوء وضعية الاقتصاد الوطني إلى درجة تورط وزراء و رؤساء حكومة بالجملة في قضايا نهب و سلب و تبديد المال العام ، و نراهم يقادون إلى المحاكم للتحقيق معهم ، مؤسف و مؤلم حقا أن نشاهد رموز النظام السابق هؤلاء أمام المحاكم، و لنا أن نتصور كيف كانوا يعبثون بالمال العام و مقدرات و خيرات بلادنا من عقارات و غيرها في ممارسات غير قانونية ،و يستغلون مناصبهم السامية، و نفوذ سلطتهم لممارسة السرقة الممنهجة لأموال الشعب ،حتى أن البنوك كانت تعمل وفق مقاسهم و مطالبهم ، شيء لا يمكن للعقل أن يصدقه لو حدث في بلدان يضع رجال السياسة و الاقتصاد القانون فوق رؤوسهم و ليس تحت أقدامهم -أعزكم الله- ،لكن عندنا يحدث هذا و أكثر عندما يغيب الضمير و يغلب أشباه رجال السياسة و الاقتصاد عندنا مصالحهم كلها على مصلحة الجزائر و الشعب ضمن تركيبة سياسة المال الفاسدة ، مع أنه في بلدان أخرى يتعفف رجال السياسة عن الإضرار بمصالح الشعب و يرفضون أن يتآمروا على شعوبهم في صفقات نفوذ و مال فاسدين يندى لها الجبين خجلا .