منذ بدء الحراك في 22 فبراير , مر ب 21 محطة , و استطاع أن يتفاعل مع جميع المناسبات الوطنية و الدينية و الاجتماعية و الرياضية فضلا عن السياسية بطبيعة الحال , فغطى الحراك بمظهراته على بعض الأحداث كذكرى تأميم المحروقات , و أعطى زخما شعبيا أكبر لأخرى كعيد المرأة و عيد العمال و يوم الطالب و عيد الشباب و الاستقلال , و تجاوز أخرى بأخف الأضرار , مثل شهر الصيام و عيد الفطر , و العطل المدرسية و الجامعية و فترة الامتحانات التي تفرض على فئات واسعة من مكونات الحراك التفرغ لها . كما وقف الحراك بالمرصاد لجميع التحركات السياسية للسلطة و المعارضة ,مؤيدا تارة أو رافضا تارة أخرى , حيث أفشل إجراء الانتخابات الرئاسية التي كانت المقررة يوم 4 جويلية , و تحفظ على مخرجات الحوار لمنتدى المعارضة , و ظل منقسما فيما يخص المبادرات التي تراكمت في الساحة السياسية لتجاوز الانسداد السياسي . لقد عجز الحراك عبر كل هذه المحطات عن تشكيل إجماع حول حل سياسي توافقي يفضي إلى إقامة نظام حكم جديد على أسس سليمة لا يشعر فيه أي طرف بالإقصاء أو التهميش , و لذا كلما جاءت مناسبة «غير سياسية» استغلها الحراك لإعادة الزخم الجماهيري إلى صفوفه , كما يفعل حاليا مع مشاركة الفريق الوطني لكرة القدم في منافسات كأس إفريقيا للأمم ال«كان», حيث تحولت انتصارات الفريق الوطني في هذه التظاهرة الرياضية ,إلى مناسبة للترويج و الإشهار لشعارات الحراك التي تسبب أحدها في إصدار السلطات المصرية قرارا بطرد مناصر جزائري لرفعه لافتة تحمل عبارة «يتنحاو قاع» في مدرجات الملعب . كما اقتبس بعض الأنصار شعارات الحراك لصياغة أخرى لمناصرة الفريق الوطني لكرة القدم حوَّلها بعض المغنين إلى أهازيج مثل «نربحوهم قاع ونفرحو قاع» و «الشعب يريد لاكوب دافريك» أي (الشعب يريد كأس إفريقيا)...و غيرها من الشعارات و التعليقات التي تزاوج بين ما ينتظره الحراك من الفريق الوطني , و بين مطالبه السياسية , و مواقفه من مسؤولي السلطة الحاكمة . و هي المزاوجة التي اعتمدها حتى مسؤولو و لاعبو الفريق الوطني , حيال الحراك حيث نقلت الصحافة عن رئيس الفاف قوله أن : «كل اللاعبين والطاقم الفني تستمد قواها من قوة الشباب الجزائري ومن الحراك الذين يحلمون بجزائر أفضل.» و في نفس السياق صرح اللاعب ياسين براهيمي أن : «الحراك الشعبي في الجزائر زاد من عزيمتنا على التتويج ب«الكان» لأننا نريد أن نسعد الشعب «. و لكن , هناك من يتساءل : ماذا بعد الكان ؟ و الرد يختلف و يتعدد بتعدد مكونات الحراك , لكنه يجمع على استمرار الحراك إلى حين تحقيق مطالبه , مع تكيفه مع جميع المناسبات و المحطات , موسم الاصطياف ,عيد الأضحى ... الدخول الاجتماعي ...غير أن هاجس تراجع التعبئة الشعبية الأسبوعية يبقى قائما في غياب آفاق لانفراج الوضع , و افتقار الحراك إلى قيادة قادرة على الفرز بين المطالب الرئيسية العاجلة و بين المطالب الثانوية , و فرض الحلول التوافقية و التنازلات المتبادلة على جميع الأطراف. لأنه من غير المعقول أن تجمع الكرة الجزائريين و تفرقهم السياسة بالشكل الذي كشف عنه الحراك ؟