نفذت النقابة الوطنية للقضاة تهديدها بالدخول في إضراب مفتوح بداية أمس احتجاجا على ما وصفته بتفرّد الوزارة في قرارات حركة القضاة التي هي من صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء والتي - الحركة - تقول ذات النقابة أنّ الوزارة هي التي أعدّتها في غرف مغلقة دون استشارة الطرف الاجتماعي وهو ما يكرس هيمنة الجهاز التنفيذي على الجهاز القضائي ، الذي يريده الشعب حرا ومستقلا وذا هيبة في البلاد. ولم تنتظر وزارة العدل كثيرا للرد على الحركة الاحتجاجية للقضاة الذين دخلوا في إضراب وفقا للإشعار به الذي نشرته النقابة الوطنية ، حيث ذكّرت الوزارة الوصيّة القضاة بالمادة 12 من القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي الذي ينظم مهنة القضاء حيث يتعيّن على القاضي مراعاة و عدم عرقلة العمل أو المشاركة في أيّ إضراب و الأمر عند حصوله يسمّى تخلي عن العمل . وأوضحت وزارة العدل في ذات البيان انه «فيما يخص الحركة السنوية للقضاة التي قررها المجلس الأعلى للقضاء فقد سبقتها اجتماعات أعضاء المكتب الدائم للمجلس الأعلى للقضاء حول الموضوع مع تمكينهم من مضمون الحركة و باقي جدول الأعمال, وقد صادق عليها أعضاء المجلس الأعلى للقضاء . وللقضاة الذين يعتبرون أنفسهم متضررين أن يمارسوا هذا الحق طبقا لأحكام المادة 26. كيف ما كان حال الإضراب ، إن كان سيستمر أو تتمكّن الوصاية من تحقيق مطالب الشريك الاجتماعي و إثنائه عن مواصلة الحركة الاحتجاجية ، فإنّ الظروف المحيطة بالإضراب تعبّر عن نفسها بنفسها فالبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية يُنتظر منها الكثير ، و الجميع يعرف الدور الكبير و الحسّاس المناط بالقضاة في مثل هذا الاستحقاق من بداية العملية إلى ترسيمها النهائي من قبل المجلس الدستوري الذي يضم في عضويته أيضا قضاه. السلطة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات بدورها تضم قضاة باشروا فعلا تسيير العملية الانتخابية التي تقترب رويدا نحو بداية الحملة الانتخابية و معروف المهام الكبرى التي تنتظر أولئك القضاة ناهيك عن العمل في المحاكم في مجال الانتخابات و أيضا الملفات الثقيلة الموكلة للقضاء منذ سقوط العهدة الخامسة و تحريك ملفات الفساد و النهب المتهم فيها عديد الأشخاص ممن مارسوا السلطة السياسية و الاقتصادية في البلاد و بالتالي الحمل ثقيل على القضاة الذين يجب مراعاة ظروف عملهم و أيضا توفير الجو الحسن لأداء المهام في شفافية و استقلالية بعيدا عن الضغط الذي عبّر عنه بيان الإضراب و الذي أشار إليه من خلال الحركة السنوية للقضاة، وهي الحركة التي انتقدها المضربون و عبّروا عن رفضهم لها في الشكل والمضمون واتهموا الوزارة بالتسرع في إعدادها من اجل ضرب الشريك الاجتماعي . في مثل هكذا ظروف و البلاد مقبلة على موعد مصيري يصير العودة إلى الحوار وضبط النفس وتغليب مصلحة الشعب والوطن أكثر من ضروري.