توقيف 6 عناصر دعم للإرهاب    ملف النقل الجوّي على مكتب الرئيس    السفيرة حدادي تتسلم مهامها اليوم    أيراد تطرق باب البورصة    مشاريع تحلية مياه البحر ضرورة ملحة    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    سيناتور بوليفي يدعم الصحراويين    محرز يواصل الإبداع    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    الحصيلة النهائية للطعون المتعلقة بالنتائج المؤقتة للتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: إيداع 15 طعنا    تعليم عالي: السيد بداري يسدي أوسمة الاستحقاق لطالبتين جزائريتين في مجالي الطب والرياضة    المغرب يعرف تحولا خطيرا ينذر بدخوله في مرحلة اضطراب سياسي و اجتماعي غير مسبوقة    فرنسا استخدمت الكيمياوي في 450 عملية بالجزائر    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على جنين لليوم ال51 على التوالي    المصعد الهوائي لباب الوادي سيتوقف مؤقتا ابتداء من يوم الجمعة لإجراء عملية صيانة كبرى    ألعاب القوى/ نصف ماراطون لشبونة: الجزائري بن يطو يسحم تأهله لبطولة العالم 2025 بكوبنهاغن    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    الجزائر بصدد تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا    عرقاب: نسعى لتحقيق استقلالية تكنولوجية    نحن في الطريق الصحيح    صادي في القاهرة    سوناطراك: عملية تضامنية واسعة خلال رمضان    سايحي يستقبل سفير جمهورية كوت ديفوار بالجزائر    حمدان: المقاومة الفلسطينية ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار ويجب العمل لبلوغ المرحلة الثانية    النعامة: تقاليد وعادات راسخة لسكان قصر تيوت في شهر رمضان    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48515 شهيدا و 111941 مصابا    مهرجان الإنشاد ببوسعادة: فرقة " قبس الفنية" من الأغواط تتوج بالمرتبة الأولى    المهرجان الوطني للعيساوة بميلة: فرقة الزاوية الطيبية من الأغواط تظفر بجائزة أحسن عرض متكامل    كأس الجزائر: اتحاد الجزائر يتجاوز رائد القبة (1-0) ويضرب موعدا مع شباب تيموشنت في الدور ربع النهائي    محكمة بطنجة تحكم بسنتين حبسا على الناشط القسطيط    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    محكمة سطيف تحكم ب 5 سنوات حبسا وغرامة 01 مليون دينار    مسابقة توظيف لصالح مديرية التصديق الإلكتروني    بيعٌ ترويجيٌّ للأسماك والمنتجات الصيدية ببومرداس    إطلاق المنصة الرقمية ل"عدل 3"    مؤسّسات فندقية مسترجعة بالجنوب تسمح بإنعاش السياحة    فتح المؤسّسات لمترشحي "البيام" و"الباك" أيام العطلة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    الإفراط في التسوق صورة للإسراف والتبذير    تقديم 1200 وجبة يوميا وتوزيع 5 آلاف قفة و30 حملة تبرُّع بالدم    مدرب الموزمبيق يضبط قائمته لمبارتي أوغندا والجزائر    أولمبيك مرسيليا يصرّ على ضم حيماد عبدلي    تفوُّق في سياسات الترميم والتوثيق الرقمي والتدريب    "أصوات فرنجية في الجزائر".. رواية جديدة عن بلدي الثاني    إطلاق مسابقة وطنية لأفضل لوحة تشكيلية    عطال: مباراة بوتسوانا صعبة وجاهزون لتقديم الأفضل    الشاي سيّد موائد رمضان في تندوف    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي": إبراز جهود الباحثين في إثراء أعمال المسرحي عبد القادر علولة    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    قويدري: التأكيد على "أهمية إنتاج المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية بالجزائر"    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعرية الخطاب السّردي في رواية «أشياء ليست سرّية جدا» لِ«هند أوراس»
نشر في الجمهورية يوم 17 - 02 - 2020

إنّ رواية " أشياء ليست سرية جدا" الصّادرة عن منشورات الجاحظية بالجزائر 2017 ، تناقش الصراع القائم بين المثقف ونفسه، وبين المثقف والسلطة القائمة، وبين المثقف والحركات الراديكالية التي تستعمل قناع "الدّين" لقتل الأبرياء والتّنكيل بهم ، و تثير على لسان بطلتها "حورية" عدم التوافق و صعوبة نجاح زواج "المبدعين" ، نظير رغبة كلّ منهما في التّحرّر والسّعي نحو أهدافهما ، إضافة إلى شيوع سلطان القبيلة رغم أنهما متعلمان، ونخبويان، ومبدعان وتلك أزمة المثقف العربي ككلّ. كما ترصد الرواية كثيرا من أوجه معاناة المرأة في الأرياف والأطراف بصفة عامة، كالمعاناة من الطلاق، الخيانة الزّوجية، التّرمّل، الزّواج المبكّر، التشدّد، الإشاعات المغرضة وغيرها ..
بداية.. ، وجب التأكيد على أنّ "هند أوراس" لها أعمال شعرية صادرة قِبلا، وليس جديدا أن نضطلع في رواية "أشياء ليست سرّية جدا " بلغة شعرية منسابة وانزياحات لغوية دلالية في مقاطع عديدة منها، ولعلّ المقطع الشّعري الذي استهلّت به روايته يعضّد وجهة نظرنا ، فالخطاب السّردي في الرواية أدّى دوره بكفاءة عالية، وفاعلية دلالية فتحت هوامش للتَّأويل والتفاعل، واستطاعت اللغة أن تكون عاملا رئيسا في استقطاب المتلقّي بكثير من الحميميّة ، فلم تكن الروائية مجرّد ساردة للأحداث بطريقة سطحية، وإنّما شدّت عضدها بأداء لغوي أمسك بناصية الشّعر في مفاصل كثيرة من الرواية...
صباح آخر، صباح عقيم..
فنجان قهوة مرّةٌ ..
مرمدة ملأى عن آخرها بأعقاب السجائر...
بقايا روح..
بقايا جسد..
غرفة تتأفّف..
وضع شاحب..
ضوء يتحامل على شقوق النّافذة ..
يدخل عنوة الغرفة المظلمة ..
لست ممتنّة لتلك الخيوط الضّوئية.
تبدّدت عتمة المكان..
لم يسعدني ذلك." (الرواية:ص:13)
تحتفي باللّغة الفصحى بكلّ مستوياتها الخطابية، فَبِها (أيْ اللغة) " تنطق الشخصيات، وتتكشف الأحداث، وتتضح البيئة، ويتعرف القارئ على طبيعة التجربة التي يعبر عنها الكاتب.." ، وكثيرا ما انزاحت هذه اللغة في الرواية عن المألوف بإعادة " تشكيل مفرداتها ودلالاتها و تراكيبها تشكيلا جديدا يؤدي إلى ضربا من النَّسج فريدا من نوعه" .( عبد المالك مرتاض، في نظرية الرواية،سلسلة عالم المعرفة،العدد :240، ص:123)،
« لم يكن الطّريق إليه مملاّ لكن الوجوه التي طوّقتني بالأقفال أصابتني بالكآبة، كان وجه الشارع باردا، شيئا فشيئا صار مصفرّا باهتا، غير أنّ شيئا بداخلي يرفض ذلك التواطؤ الفظيع للطبيعة والنّاس امتطيتُ شغفي الطّارئ ذاك، واتّجهتُ نحو المحلّ لأزرع فيه أوّل ألغامي ! "(الرواية ،ص:127)
لقد بلغَ التكثيف أوجّه في هذا المقطع ، ووصل الخطاب مستويات انزياحية أعلى يترجمها خطاب التوتّر من "الامتطاء" إلى "التّطويق" إلى "زرع الألغام"..، معتمدة في ذلك كلّه على" الخيال والتخيل، لا الواقع الذي يعرفه كل الناس ويتفقون عليه.( عبد المالك مرتاض، في نظرية الرواية، م،س، ص:521).
إنّ الرموز و الاستعارات ومختلف الأدوات اللغوية الفنّية المستعملة كفيلة بتجسيد هذا الخطاب المتعالي في بعض تفاصيله، والرّقي به حين يتطلّب الموقف بإيجاد مساحات لتأثيث النّص :
« أتساءلُ أحيانا فقط في غفلة من غبائي: هل أنا جديرةٌ برجل لا يضرم غيابه بداخلي حرائق الغيرة؟ ، أإلى هذا الحدّ يتآكلنا الإفلاس؟..هو الآن على حافة الذّاكرة، باردٌ كما هو ، وأنا انتقلتُ إلى الضفّة الأخرى ، دخلتُ طقسا جديدا وفتحتُ بابا ونافذة وبيتا ...الآن سأتركهُ بسلام يعايش أحلامه وآمالهُ و رؤاه.." (الرواية ،ص:134)
إنّ الضفّة الأخرى التي انتقلت إليها الكاتبة لم تكن إلاّ حالة عشق صنعتْ منها كيانا آخر، حالة عشق بنت منها بيتا ونافذة وعمرا جديدا، وعبّرتْ عنها بهذا التّركيب الفنّي اللاّفت ..وهو كثير في الرواية حيث نكتفي بما ذكرناه سابقا.
كما احتفت الرواية بالسّرد الشعري و طعّمت روايتها بكثير من المقاطع السّرد / شعرية بمثابة أوقات مستقطعة مُستحبّة أو محطات توقّف/ استراحة يستظلّ ببهائها المتلقّي ليعيد الثّنائي " الكاتبة/ المتلقّي " تجديد النّفس مع المتن كلٌّ بطريقته .
لقد أماطت الرواية اللّثام عن حقول "مرجان" لغويّة تظهر بين اللّحظة و اللّحظة، بين التوتّر و الهدوء لتشكّل حالة جمالية ، سرد/شعرية بامتياز خصوصا و أنّ الخيار اللّغوي الذي انحازت إليه الكاتبة في الرواية كان اللغة الفصحى إجمالا:
«مزاجُ البلدة رائق..
الصّباحات ،المساءاتُ، الأوقاتُ في غاية السّعادة.
لا بؤسَ، لا يأسَ، لا تذمّر،لا فشل، ينام النّاسُ في راحة بال.
قال لي عامر ذات مرّة يوم كنت غاضبة ،حانقةً على كلّ شيء:
لا عليكِ يا حورية يا مسعودي، ها نحنُ معا فانسيْ.." ...يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.