مضطرا خرجتُ.. الكمامة على وجهي ويدي خوف بهيج.. تحركت صورة أبي على الجدار: إلى أين؟.. ولم أجبه.. تثاءب الجدار..مستغربا نظر إليَ.. كتاب أبي العلاء المعري الذي قرأت بعض صفحاته ووضعته على الطاولة راح يقفز خلفي.. انفتح الباب لي من تلقاء نفسه.. ماءت القطة سعيدة وعانقت ساقيَّ المرتجفتينِ.. ...وها أنذا أحرك قدميَّ بطيئا في الشارع.. همست خطواتي للكثير من الخطى التي كانت تنام على الرصيف: استيقظي أيتها الخطى..سيري معي.. لا مطر سينهي حياتك.. لا سيارات ستخنقك عجلاتها.. استيقظي استيقظي.. النهار ربيعيٌ والشمس دافئة.. وشوشت كمامتي لي : وحدي أراني.. لا أرى أخواتي الكما..ماتْ.. *** الدكاكين التي دخلتها مكتظة بالكلام.. كلامك ليس فيها السلع التي على الرفوف مكتظة بالأيادي الطويلة.. يدَكِ لا أرى.. الممرات حشود تذهب ..وأخرى تأتي.. وأنتِ لا تأتينَ لا ممر لي.. لا ممر لكِ.. انتظرت..دقات الساعات حاصرتني من كل الجهات ضاغطة.. الشفاه التي كانت تفتح أفواهها صراخا رمت بي في البعيد وحيدا وحيدا.. كنت عندكِ.. كانت السماء زرقاء..مثلها كنت أزرق أزرقَ.. وأنت أيضا كنت زرقاء.. بعض الغيوم السوداء فيَ أمطرتني حزنا..وأعادت خطاي إلى الرصيف.. ولم تكن خطاك ال هناك هنا.. *** في الطريق إلي وقفت أمام عربة الخضر والفواكهِ.. حواء أذكى من آدم، قالت التفاحة لأخواتها التفاحات.. لماذا؟ سألنها.. لقد جعلت حائي أول اسمها وهمزته آخرها وأشارت إلى أسفلها.. ضحكت التفاحات: ما أحلاك يا تفاحة.. ..وضعتها في الكيس.. أعطيت الكيس للصغير الذي وقف بجانبي..وعدتُ إليَّ.. كانت التفاحة نحيبا.. وكنت وحدي.. كنت بعيدةً، تفاحتي ومثلي..وحيدة *** عدت؟، واجهني الباب بسؤاله الطويل العريض.. لاشيء تحمله، قالت العتبة.. ذهبت خفيفا وعدت خفيفا، ضاحكة علقت النافذة التي كانت تراقبني عن قرب.. بحلقت فيَ أبواب الجيرانِ.. مسكين، ( مايحك مايصك)،قالت لها..ثم قهقهتني.. دخلت..ثقيلة خطواتي.. يداي كانتا خجلا ثقيلا.. فمي كان جفافا.. عدت يا بني سليما، هذا هو الأهم ، قال أبي الذي كان يتسلق جداره.. أحك ما رأيت، قال أبو العلاء المعري وعيناه على فمي.. هل التقيت ببعض الذين ضيفوني في بيوتهم ؟.. هل قابلتهنَّ ؟ *** ها أنذا أفتح الحاسوب وأكتبني.. أيتها الكلمات الشريدة تعالي..تعالي.. هاتني وتعالي.. هاتها من بعيدها..وتعالي...