صدرت للروائية الجزائرية عائشة بنور رواية « الزنجيّة» عن منشورات دار خيال للنشر والترجمة، والتي اشتغلت عليها مدّة ثلاث سنوات، الرواية التي يقول عنها الأديب والناقد السوداني عزالدين ميرغني في مقدمته لها «أنها إضافة للرواية العربية والإفريقية». حول هذا الإصدار الجديد، أكدت عائشة بنور في تصريح خصت به أمس الجمهورية، أنه يعد العمل الروائي الخامس لها بعد «السوط والصدى»، «اعترافات امرأة»، «سقوط فارس الأحلام» و«نساء في الجحيم»، التي ترجمت أغلبها إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، نالت عدة جوائز في القصة القصيرة والرواية، على غرار جائزة منتدى «نساء البحر الأبيض المتوسط» بمرسليا الفرنسية سنة 2002، مبرزة أنها عالجت في هذا العمل الجديد موضوع يخص معاناة الزنوج في أمريكا من خلال الولوج الى عالم داخلي مليء بالأسئلة والحيرة الوجودية، لأناس لا ذنب لهم سوى أن الطبيعة اختارت لهم لونا لا تزال قوى التخلف تعاديه، مضيفة أن رواية «الزنجيّة» تلج في الفجوات المسكوت عنها، فتغوص في عمق جراح الأنثى الإفريقية وتختزل واقعا مريرا تعيشه المرأة خاصة في بلدان إفريقيا السوداء وبالضبط في النيجر مسرح أحداث هذه الرواية وتطورها، حيث تتحرك فيها البطلة بلانكا، أو الأنثى الإفريقية الزنجيّة في نفق التقاليد وتتخبط في دوامة الجهل والقهر والعنف كتعرضها للعنف النفسي والجسدي والجنسي وما ينجر عنه من آثار نفسية وسلوكية تنعكس على حياتها الكاملة مستقبلا كظاهرة ختان الفتيات وهن في عمر الزهور وكذلك في مواجهة آثار الصراعات القبلية والحروب والانقلابات. والبطلة بلانكا وزوجها فريكي يقرّران الهجرة إلى بلد شمالي يحلمان العيش فيه تحت سقف مع رغيف خبز واطمئنان. لكن يحدث لهم في البلد الحلم ما لم يكن في الحسبان، يجدان واقعا آخر يبخّر أحلامهما. كما تتعرض الرواية مضيفة عائشة بنور إلى وجه آخر من المعاناة الإنسانية، العنصرية والعنف ضد الفتيات، ظاهرة التميز العنصري واستمراره والذي يعاني منه الأفارقة في الدول الأجنبية وما ينجر عن ذلك من معاناة نفسية رهيبة يعيشوها هؤلاء، هي أمور تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، فالرواية تناهض العنصرية والظلم وذلك من خلال أشعار سنغور التي كانت الضوء بالنسبة للبطلة بلانكا «لأنك سوداء فأنتِ جميلة»في مشوارها الصعب، كذلك الرواية لم تغفل عن التراث الإفريقي الساحر و الزاخر بالألوان والطقوس وإعطائه البعد الثقافي العالمي وما يتميز به من خصوصية وقيم تاريخية...الخ بالإضافة إلى موضوع الهجرة ونزوح الأعداد الهائلة من الأفارقة وخاصة المرأة والأطفال نحو دول الشمال بحثا عن رغيف الخبز والحياة الكريمة، وما يتعرضون له من مخاطر في شساعة الصحراء هروبا. عذراء إفريقيا تحوّلت رغم خيراتها وثرواتها إلى مقبرة للموت، ومرتع للفساد، والأمراض كالإيدز والملاريا فأصبح المكان مقموعا، وشخصياته مقهورة، وتفاعل مأساوي رهيب تعيشه شخوص الرواية في ظل الخوف من المجهول .وفي الأخير الرواية كما يقول عنها الناشر هي وجه من أوجه المعاناة الإنسانية، العنصرية تجاه الآخر المختلف طبيعيا لم تغب طيلة تاريخ البشرية الطويل، رغم نضالات الحقوقيين وصراعات الزنوج ضد القهر والاحتقار. وهذا موضوع الساعة من خلال الأحداث التي وقعت في أمريكا مؤخرا وقد حاولت «عائشة بنور» الكتابة عن عالم داخلي مليء بالأسئلة والحيرة الوجودية لأناس لا ذنب لهم سوى أن الطبيعة اختارت لهم لونا لا تزال قوى التخلف تعاديه