إن التعليم العالي والبحث العلمي يعتبران القاطرة التي تحرك مسار تنمية كل قطاعات النشاط الاقتصادي والاجتماعي ،و لا يمكن لأي بلد أن يهمل و يتجاهل الدور الرائد للعلم في تحقيق أي تطور و لأجل ذلك نجد عددا كبيرا من الدول تراهن على التعليم عبر كل مراحله لبناء المستقبل وتحقيق التقدم والتطور لاسيما مرحلة التعليم العالي و البحث العلمي و مرحلة ما بعد التدرج ‘بل إننا نرى كيف تسعى تلك الدول إلى استقطاب وجلب الأدمغة من بلدان العالم الثالث للاستفادة منها في تطوير أبحاثها وتحقيق القوة العلمية والتفوق و ربط جسر قوي بين برامج التعليم والأبحاث العلمية من جهة ومتطلبات التنمية، و الجزائر لم تشذ عن هذه القاعدة حيث أنها سهرت دائما على اختيار تخصصات في التعليم العالي تستجيب لمتطلبات واحتياجات التنمية و إن كانت قد سجلت بعض القطيعة بين قطاع التعليم العالي والبحث العلمي و قطاعات الاقتصاد الأخرى لكن هذا لم يمنع كون الجامعة بشكل عام هي الخزان الذي يكون ويدرب الكفاءات والإطارات العليا المستقبلية خاصة مع بروز مشكل البطالة والأفق الضيق الذي يواجه دفعات الطلبة المتخرجين من الجامعات ،على اعتبار أن هؤلاء المتخرجين و أصحاب الشهادات الجامعية هم من سيمسك بزمام الأمور في تسيير مشاريع التنمية مستقبلا ،و شغل مناصب المسؤولية تجسيدا لما تلقوه من علم في مختلف التخصصات و الجزائر اليوم و من هذا المنطلق مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى امتصاص البطالة وسط خريجي الجامعات ،و التكفل بهم ضمن مسار التنمية وتطوير الاقتصاد الذي بحاجة ماسة إلى إطارات جامعية و ابتكارات في مختلف المجالات في جزائر تطمح إلى تطوير صناعتها ،ومنظومتها البنكية و قطاعات أخرى من تعليم و تكوين مهني، و صحة بكل ما ينضوي تحتها من فروع و بناء وهندسة معمارية ،وقطاعات الاقتصاد المختلفة ، و تكنولوجيات الإعلام والاتصال ،و فلاحة وبيئة ، فضلا عن قطاعات ذات صلة بالمجتمع فكل هذه تمثل التنمية التي تبقى في أمس الحاجة إلى قاطرة التعليم العالي والأبحاث العلمية ممثلة في خريجي الجامعات ومدارس التكوين العليا المتخصصة فقد آن الأوان اليوم ليدخل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بابتكاراته و تفرعاته وتخصصاته في حسابات و مشاريع وخطط التنمية لتحقيق التواصل و نبذ فترة القطيعة التي ميزت العلاقة بين الجامعة كخزان لتكوين الإطارات والكفاءات ومشاريع التنمية واقتصاد البلاد و ذلك بتوفير مناصب شغل لدفعات المتخرجين من حاملي الشهادات الجامعية بدلا من تشغيلهم وفق صيغ توظيف مؤقتة.