"إن ما حققه الشباب الجزائري بعد الاستقلال على كافة الأصعدة إنما هي مكاسب تمخضت عن تطور المجتمع", إذ لا يمكن التكفل باحتياجات شباب 2020 ,بأساليب التسيير المتوارثة منذ القرن الماضي . فالشباب الذين عبدوا طريق مستقبلهم بنضالهم الدؤوب أصبحوا أكثر و عيا من أن تخفى عليهم العلاقة الجدلية بين تطور المجتمع بجميع مكوناته و بين ما حققه و يحققه الشباب من مكاسب في جميع المجالات , و بالتالي فإنهم سيدركون في نهاية المطاف بأن كل الوعود السياسية أيا كانت جاذبيتها ستظل مجرد وعود ما لم يحقق المجتمع ككل تطورا يستوعب مثل هذه الوعود و يجسدها في الميدان. "فالشباب مطالب باقتحام الحياة السياسية كما قال الوزير الاول ضمانا للتداول و لاعداد جيل جديد من السياسييين النزهاء المحبين لوطنهم". و هي رسالة في محلها كونها ترشد الشباب إلى الطريق السليم و الأقصر لبلوغ مبتغاه في الرقي و التحرر من قيود التخلف , و ذلك بمشاركته من جميع المواقع التي بلغها و هي كثيرة وهامة بمعية بقية الفاعلين الاجتماعيين , في إرساء دعائم مجتمع التقدم و الرقي , و إحداث القطيعة مع اساليب التسيير التقليدية و الذهنيات البالية , و تطوير أخرى بديلة تستوعب مستجدات العصر دون المساس بالتماسك الاجتماعي. إنها طريق صعبة و شاقة , لكن نتائجها مضمونة إذ ستسمح لمجتمعنا أن يتبوأ موقعا مشرفا في مجال "الحداثة و العصرنة", و هو موقع ستصبح فيه مكانة الشباب المتميزة ؛تحصيل حاصل. و دون التقليل من شأن نضال الشباب الذي اتخذ عدة أشكال و استعمل مختلف الوسائل للتعبير عن طموحاته في مختلف المراحل التاريخية للبلاد , إلا أن هذا النضال ما كان ليؤتي ثماره لو لم يعرف المجتمع الجزائري التطور الكافي لاستيعاب و تقبل كل المكاسب التي حققها الشباب في فترة زمنية قصيرة بفضل الحراك الشعبي و ما تخض عنه من إصلاحات و قرارات تعيد للشاب الجزائري اعتباره . و لأن الأحزاب غالبا ما ترفع شعار التشبيب في اختيار مرشحيها للاستحقاقات الانتخابية , لكنها سرعان ما تغض عنه الطرف, لدى إعدادها قوائم المرشحين ,بوضع الشباب في مراتب لا تمنحهم أدنى حظ في الفوز بمنصب انتخابي , مما يُشْعِر الشباب ,أن الأحزاب تستعملهم كورقة للترويج لقوائمها الانتخابية, التي يتصدرها الشيوخ عادة , فيصرفون اهتمامهم عن السياسة و عما يمت لها بصلة كالانتخابات محلية كانت أو وطنية؛ فإن مشروع تعديل الدستور يحاول إصلاح هذا الخلل و لو بتخصيص نسبة من المناصب الانتخابية لفئة الشباب على منوال النساء , لإفساح المجال للشبيبة لولوج عالم السياسة كمنتخبين, مما قد يشجعهم على التصويت على غيرهم. و في الأخير , لا بد لنا أن نضع في الحسبان بأن أي إصلاح دستوري , يصاغ بعيدا عما يطمح إليه معظم الشباب خاصة؛ و الهيئة الناخبة عامة ؛ و لا يراعي سوى الجوانب التقنية و الإدارية و اللوجستية و المالية و القانونية و ماشابهها من شكليات , إن مثل هذا الإصلاح لا يمكنه جلب اهتمام الشباب و دفعه إلى ولوج عالم السياسة , ما دام لا يأخذ بعين الاعتبار رأيهم و اقتراحاتهم ,و هو ما يفسر حرص السلطات العمومية على إشراك فئة الشباب في وضع أسس النظام السياسي للجمهورية الجديدة عبر قنوات متعددة.