نظم أمس قسم البحث في المخيال والسيرورات الاجتماعية بكراسك وهران ندوة حول الممارسات الثقافية في فترة التباعد ، بحضور عدد من الباحثين والأساتذة الذين قدموا مداخلات حول أنماط الممارسات الثقافية التي أفرزتها الظروف الاستثنائية المرتبطة بجائحة كورونا ، وما استلزمته من تباعد، واللجوء إلى وسائل التواصل المرئي التي عوضت طرق التواصل المعتادة، وكيف توصل الفاعلون الثقافيون إلى وسائل مختلفة لمواصلة الإبداع والتواصل مع متلقيهم وخلق فضاءات بديلة عن الفضاءات التقليدية .. الجلسة الأول التي كانت تحت إشراف السيد عبد الوهاب بلغراس مدير قسم المخيال والسيرورات الاجتماعية عرفت مشاركة كل من الأستاذ حاج ملياني من جامعة مستغانم الذي تطرق إلى إشكالية الثقافة في زمن الأوبئة، و أيضا الباحث كريم وراس الذي تحدث عن الغرافيتيا في الجزائر واهم الممارسات المرافقة للتحولات الاجتماعية ، إضافة إلى الأستاذ محمد حيرش بغداد الذي سلط الضوء على السياسة الثقافية في الجزائر وبالتحديد على السير الذاتية لبعض الفنانين التشكيليين وكيف أن المتاحف قات باقتناء أعمالهم ... أما الباحثة فوزية بوغنجور فقد اختارت الحديث عن الروائيين في العالم الافتراضي خلال فترة الحجر ، و أهم نشاطاتهم الافتراضية على صفحات الفايس بوك منذ شهر مارس إلى غاية شهر سبتمبر الفارط، حيث قالت إن هذه الفترة قد اتسمت بنوع من التوتر وسط المثقفين الذين أبدوا قلقهم من الوضع الذي فرضه كوفيد 19، و أكثر شيء من العزلة التي دخلوا فيها وكيف أن الوباء بات يهدد وجودهم كفاعلين في المجتمع ، وهي ظاهرة استثنائية وغير مسبوقة بالنسبة لهم ، موضحة في مداخلتها أن هذه الصدمة أو الدهشة كما وصفتها ظهرت بشكل جلي في منشوراتهم الفايسبوكية وتعليقاتهم ، في حين أن الكثير منهم حاولوا أن يثبتوا حضورهم عبر قراءات عن الوضع الراهن وتحليلات لما يعيشونه من أحداث، كما ظهر نوع من التآزر بينهم من خلال تقديم قراءات لكتب و إصدارات معينة، من بينها رواية « كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك» لعمارة لخوص، التي تم تداولها بشكل كبير عبر مختلف الصفحات خصوصا خلال شهر مارس، وقد أرجعت الباحثة فوزية بوغنجور سبب هذا الإقبال إلى محتوى الرواية كونها تتحدث عن ايطاليا البلد الأكثر إصابة بالوباء ، كما أنها كُتبت من قبل روائي جزائري مغترب في نفس البلد .. وتكشف الباحثة فوزية بوغنجور أن ما لاحظته خلال الفترة الممتدة من جويلية إلى شهر سبتمبر، أن الروائيين تحدثوا بشكل كبير عن مستقبل الرواية والنشر والكتابة وكيفية خلق فضاءات جديدة للنشر..، وتزامن ذلك مع خبر إلغاء تنظيم المعرض الدولي الكتاب الذي يعد هو أكبر فرصة لبيع المؤلفات والتعرف على أهم الإصدارات ، في حين فضلت بعض الروائيات نشر يومياتهن في المنزل وما يحضرنه في المطبخ، كمحاولة للتخفيف من تأثير الحجر والخروج من قوقعة الروتين .. أما الروائيين الشباب – تقول فوزية - فقد استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لعرض مؤلفاتهم الإبداعية عبر صيغة « ال بي دي أف « ، على غرار الروائي الشاب بلال لونيس الذي قدم عمله « ذاكرة معتقلة « و إسماعيل محمد وروايته « الجثة المتحركة «، في حين قام بعض الأدباء بالترويج لمؤلفاتهم ومحاولة بيعها عن بعد ، على غرار رفيق طيبي صاحب دار خيال للنشر، والذي قام بإتاحة البيع عن بُعد ، لكن للأسف التفاعل مع المبادرة كان ضعيفا جدا حسبما كشفه للباحثة فوزية التي قالت إن الإقبال كان أكبر على صيغ « ال بي دي أف « .