نامي خطاب معاداة المسلمين في أوروبا بعدما كانت تيارات اليمين المتطرف المتشبعة بالعنصرية المقيتة و المرتكزة في كراهياتها للغير على نظريات تفوق الجنس الأبيض على بقية الأجناس خطيئة سياسية و اجتماعية و ثقافية حاول الغرب إخفاءها بأقنعة التحضر و التعايش و قبول الآخر إلا أنه في السنوات الأخيرة تغيرت الموازين و الحسابات و أضحى طلب ود العنصريين مكسبا انتخابيا يضمن الوصول إلى سدة الحكم و لم يعد إبداء الكراهية و ممارسة الإقصاء ضد مواطنين يحملون جنسية ذات البلد و حرمانهم من حقوقهم السياسية و المدنية بأي ذريعة واهية . بل و حرمانهم حتى من حق الحياة لم يعد بالجريمة الكبرى ما دامت لعبة التكييفات القانونية و الإفلات من خلال الثغرات التشريعية تضمن منافذ آمنة من العقاب و ما يحدث من تهميش و ظلم للفرنسيين من ذوي الأصول العربية و الإفريقية ليس ببعيد بالإضافة إلى ظاهرة الإسلاموفوبيافي القارة العجوز التي تحولت إلى طبق شهي على موائد المحللين و الخبراء و السياسيين في مختلف وسائل الاعلام و شماعة لا ينطفئ نورها لتبرير النكسات الاقتصادية و السياسية و الأمنية و حتى الفشل الذريع في تسيير الأزمة الصحية و محاولة إلهاء الشعوب بفزاعة المتطرفين لإشغالهم عن مشاكلهم اليومية . هل أبان الغرب عن وجهه الحقيقي أخيرا ماحيا مساحيق التعايش المشترك و نبذ العنصرية و تطبيق المساواة و العدالة بنفس المعايير على الجميع دون تفرقة بين أبيض و أسود و مسيحي و مسلم ؟ و أيهما القاعدة و الاستثناء بمعطيات واقع اليوم و حقائق التاريخ ، هل الاستثناء أن اليمين المتطرف بخطابه الشعبوي يعود إلى الواجهة السياسية و يستقطب الملايين من المقتنعين بأفكاره أم أنه القاعدة التي مشى بها و عليها أسلافه فوق جماجم أمم أبيدت عن بكرة أبيها ليعيشوا و يحققوا حلمهم و لنسأل العم «سام» عن مآسي الهنود الحمر . صحيح أن في كل قومية أو أمة نسبة من المتطرفين الباحثين عن فرض وجودهم و استعادة أمجادهم و لو على حساب حقوق غيرهم و هي ظاهرة مقبولة نوعا ما إن بقيت على هامش الاتجاه العام للنخبة الحاكمة و كانت خاضعة للقوانين المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية التي تردع أي متطرف يحاول ترجمة شعوره إلى فعل يجرمه العقد الاجتماعي للدولة أما و أن يتحول الخطاب الإقصائي إلى شعار انتخابي لملء صناديق الاقتراع أو إلى ذريعة لتغطية فشل ذريع في سياسات عامة أو إلى جلب معارك من صفحات التاريخ و فرضها من جديد لتحقيق مآرب اقتصادية و أهداف عسكرية فتلك هي الخطيئة السياسية التي عاد الغرب ليمارسها من جديد كما تعود على ذلك حينما تشتد عليه الأزمات و لنا في الأسباب الحقيقية للحروب الصليبية العديد من الأدلة الساطعة .