بينما شرعت دول عديدة في تلقيح مواطنيها ضد كورونا , ما زالت السلطات في بلادنا لم تحسم خيارها بعد بخصوص نوع اللقاح الأنسب للحالة الوبائية الجزائرية . قد يكون اتخاذ القرار صعبا في هذا الظرف ,غير أنه لا مفر منه, لأن السوق العالمية للقاحات, ليست في صالح المترددين . و لذا جاءت أوامر رئيس الجمهورية لتسريع إجراءات استيراد اللقاحات الضرورية,حيث كتب على صفحته الرسمية عبر تويتر: "لقد أصدرت أوامر للسيد الوزير الأول أن يترأس فورا اجتماعا مع اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة الوضعية الوبائية لاختيار اللقاح الأنسب ضد فيروس كوفيد-19, لبدء عملية التلقيح ابتداء من شهر جانفي 2021". كما أن الأمر لا يقتصر على اتخاذ قرار استيراد اللقاح الأنسب للبلاد , و لكن لا بد من تحديد الكمية اللازمة وفق احتياجات فعلية, لا تقديرات نظرية .لأنه لا أحد يعلم مدى تجاوب المواطنين الجزائريين, مع حملة تلقيح وطنية اختيارية . و قد تفادت بعض الدول هذا الإشكال , بفتح موقع رسمي إلكتروني , لتسجيل الراغبين في أخذ اللقاح .و بذلك يمكن تحديد الاحتياجات مسبقا , التي تسمح بالاستغلال الأنجع لحجم اللقاحات المستوردة, و الحد من نسبة التي تنتهي صلاحيتها منها, قبل استعمالها. و لتفادي إحجام شريحة واسعة من المواطنين عن أخذ اللقاح , ينظم مسؤولون سياسيون حاليون و سابقون و مشاهير في شتى مجالات الفنون و العلوم ورجال الأعمال و الرياضة ,حملات ترويجية لتحفيز متابعيهم على التطعيم , بل و يقومون بأخذ جرعاتهم أمام الملأ و الكاميرات , ليكونوا قدوة لهم. لكن مثل هذه الحملات الترويجية , هي تقليد يكاد يقتصر على العالم الغربي, و لن نسجل سوى حالات نادرة لدى دول العالمين العربي و الإسلامي ,و إن حدث , فمن شخصيات من الدرجات الأدنى. و في هذا الشأن نقلت الصحف البريطانية أن كلا من "الملكة إليزابيث الثانية (94 عاما) وزوجها الأمير فيليب (99 عاما) سيتلقيان التطعيم بشكل علني من أجل "تشجيع أكبر عدد ممكن من الناس على تلقيه"، في وقت تخشى السلطات من أن النشطاء المناهضين للقاح سيُثيرون الشكوك حوله بين السكان" كما أوردت الصحافة الأمريكية أخبارا مماثلة عن مسؤولين سياسيين مثل "نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس،-الذي كان- أبرز زعيم عالمى يتم تلقيحه ضد فيروس كورونا، كما تلقت كارين زوجة بنس، والجراح العام جيروم آدامز، جرعتين من اللقاح على الهواء مباشرة، وكذلك تلقت رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى اللقاح فى مكتبها بالكونجرس، وحصل قطب الإعلام روبرت مردوخ على اللقاح لمواجهة كورونا." كما " أعلن فى وقت سابق الرئيس الأمريكى المنتخب، جو بايدن لوسائل الإعلام، أنه سوف يتلقى جرعات لقاح فيروس كورونا أمام أنظار الجميع" و من جهتهم " أبدى رؤساء الولاياتالمتحدة السابقون باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلنتون استعدادهم لأخذ لقاح لفيروس كورونا أمام شاشات التليفزيون من أجل تبديد أى شكوك لدى الأمريكيين بشأن سلامة اللقاحات الجديدة". كما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول الرؤساء الذي قرر تجريب اللقاح الروسي ضد كورونا على ابنته . قد يكون هذا التسابق بدافع الترويج لمنتجات المخابر الصيدلانية المكتشفة للقاحات و ما تمثله من مكاسب مالية , لكنه في نفس الوقت ينبع من ثقة شبه مطلقة في هذه المخابر , أو بالأحرى في العلم و العلماء الذين يشرفون عليها. إنها سلطة العلم التي يخضع لها الجميع في هذه المجتمعات , فمكنتهم من قيادة العالم , و من غريب الصدف وجود هذه العلاقة الاشتقاقية بين كلمتي العلم والعالم, و هي خاصية تنفرد بها لغة الضاد, و لكن بدون جدوى.