دون تأثر بالشوفينية العمياء و لا التغني المفرط بالوطنية إلا أن حقائق التاريخ و معطيات الوقائع تؤكد أن الجزائر لم تكن أبدا سباقة لإعلان الحروب على أي كان و لم تستهويها قط مغامرات الاعتداء أو التدخل في شؤون الغير بل جعلت من احترام سيادة الدول مبدأ راسخا ثابتا في سياستها الخارجية منذ عقود عديدة و كانت جميع نضالاتها و معاركها دفاعا حصرا عن الأرض و العرض و كرامة و حرية أبنائها ، و ها هي اليوم تفرض عليها حربا حامية الوطيس ساحتها على مد بصر الفضاء الأزرق ، جنودها مرتزقة الرقمنة و وقودها الأخبار الكاذبة و الإشاعات المغرضة المهددة للتلاحم المجتمعي و الأمن الوطني . هذه ليست من أعراض المرض المؤامراتي المعشعش في عقول الفشلة والعاجزين كما يحلو لبعض " المحللين و الخبراء الاستراتيجيين " توصيفه بل هو ما أكده الكثير من مراكز البحث العالمية ذات المصداقية والموضوعية أن الجزائر من بين الدول التي تتعرض لحرب إلكترونية من دول إما أنها لا ترغب في دوام استقرارها السياسي و المجتمعي أو أنها غير موافقة على مواقفها من عدة قضايا دولية و إقليمية و لعلى أبرزها القضيتين الفلسطينية و الصحراوية و تحاول بكل ما أوتيت من جهد تكنولوجي أن تزرع الفتنة بين فئات شعبها من خلال اللعب على ثوابت الهوية و رموز الوطنية و التشكيك في مصداقية مؤسساتها الدستورية وخلق هوة بلا قرار بين عموم المواطنين و النخبة الحاكمة . و عليه فإننا مطالبون اليوم بمزيد من الموضوعية و المصداقية و الشفافية في إعلام المواطن بكل كبيرة و صغيرة عن واقع وطنه من أعلى قمته إلى أساسه و بتفعيل خلايا الاتصال في كل مؤسسات الدولة بغض النظر عن أهميتها أو مهامها لتعمل ليل نهار على شطب مصطلح التعميم نهائيا من فلسفة الاتصال المؤسساتي فلم يعد يكفي فقط عدد الدبابات و المدافع و الطائرات و السفن الحربية لحماية الوطن بل يمكن لتغريدة واحدة تنشر في التوقيت المناسب أن تكون بمثابة حصن منيع في وجه العابثين بمصلحة العباد و المتربصين بأمن البلاد .