كيف يمكن استقطاب الشباب للانخراط في وضع لبنات الجزائر الجديدة وإقناعهم بحتمية المشاركة في العمل العام سواء في الحياة السياسية من خلال الأحزاب أو في المجتمع المدني بواسطة الجمعيات و الإيمان بأن الديمقراطية التشاركية هي السبيل الوحيد لتعزيز الأمن القومي للوطن و المحافظة على استقراره و تقوية جبهته الداخلية و صد محاولات وأد حلم الجزائر المزدهرة و الحاضنة لكل أبنائها ؟ . قد تحتاج الإجابة إلى جرعات أزيد و أقوى من الشجاعة و جلد الذات و غسل الوجه من مساحيق الكذب و الزيف و النظر بتمعن في مرآة الواقع حتى نرى التجاعيد التي كانت وراء عزوف الشباب في سنوات خلت عن الاهتمام بالشأن العام و التي قد يكون أهمها عدم الإيمان بالمشاريع السابقة من منطلق عدم الثقة في مروجيها و ليس رفضا لمحاورها و برامجها و خطة تطبيقها ففي الجزائر لا زالت ثقافة صيت و سمعة المروج تسبق جودة بضاعته لذلك وجب اعتبار تشييد جسور الثقة المتينة بين النخبة الحاكمة و القاعدة الشبابية من المشاريع الممهورة بصيغة التنفيذ العاجل و الآني فهي حجر الأساس للجمهورية الجديدة و بدون استعادة الثقة فإن المشروع سيبقى حبيس التنظير و التخطيط مهما أخلصت النوايا و أوفت الإرادات . و معلوم أن قائمة مطالب الشباب قد تم إلقاؤها على المنابر الشعبية إبان جمعات الحراك الشعبي المبارك و هي واقعية إلى أبعد حد و يمكن تجسيدها بتوفر إرادة التحقيق و هي تتمثل أساسا في نزاهة و شفافية التسيير و محاربة الفساد بكل أشكاله و ألوانه و التأسيس لمنظومة قضائية متحررة و محصنة من التلاعبات السياسوية و فتح المجال للعمل الحزبي و النقابي و الجمعوي و الإعلامي بضمانات الحرية المدسترة . و المتتبع للتحولات الحادثة اليوم في المشهد الوطني يجد أن القيادة الجديدة للوطن برئاسة عبد المجيد تبون قد تعهدت بتلبية جميع مطالب الحراك الشعبي من خلال فتح عشرات الورشات الإصلاحية في مختلف المجالات ابتداء بسيد القوانين ففي الفاتح نوفمبر الماضي و بعد الموافقة على التعديلات الدستورية خطت الجزائر خطوة كبيرة نحو تعزيز دمقرطة مؤسسات الجمهورية و منح الفرصة كاملة لأهل الاختصاص و الكفاءة بعيدا عن المحسوبية و الجهوية و الحسابات الشخصية و المنافع الآنية و فتح المجال لمشاركة جميع فعاليات المجتمع المدني في كل المجالات التي تخدم الصالح العام و أعطت جرعات أكسجينية للعمل الإعلامي لتعرية الحقيقة كيف ما كانت في إطار المهنية و قوت من دعائم العدالة بوضع أسوار قانونية تمنحها الاستقلالية عن السلطتين التنفيذية و التشريعية كما أن ملف تطهير و أخلقة العمل السياسي قد تم فتحه من خلال مراجعة قانون الانتخابات الذي يهدف أساسا لشطب لغة الشكارة و المال الفاسد من قاموس الاستحقاقات الانتخابية خاصة المحلية منها و التشريعية .