شهدنا خلال السنوات الاخيرة ارتفاعا محسوسا في نسبة زواج الجزائريين والجزائريات من أجانب، هذه الظاهرة التي لم نكن نسمع عنها في الماضي. ويعود سبب بروز هذه الظاهرة على مستوى العلاقات الزوجية في المجتمع، وانتشارها في بلادنا حسب الدراسات الى الانفتاح على الغرب، من خلال الهجرة وكذا الانتشار الواسع لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي. وبما أننا نعلم أن الدين الإسلامي جعل الزواج نصف الدين فإننا في المقابل نعلم أنه وضع له أيضا شروطا وحدودا وثوابت حتى لا يقع المسلم والمسلمة على حد سواء في الخطأ، وليحافظ على دينه وأصله. وللتفسير في الأمر أكثر اتصلنا بالشيخ «قراش مصطفى» إمام أستاذ وعضو المجلس العلمي لولاية وهران ليوضح لنا ويعطينا تحليلا عن هذا الموضوع من المنظور الديني من خلال الحوار التالي: ^ الجمهورية: ما رأي الدين في مسألة الزواج بالأجانب؟ الأستاذ قراش مصطفى: سؤالكم يقتضي بعض التوضيح، فالأجنبي قد يكون من أهل الديانات السماوية؛ كاليَهودِيَّةُ والْمَسيحِيَّةُ، فهؤلاء يجوز للمسلم الزواج منهم مع الكراهة عند الإمام مالك بخلاف ابن القاسم الذي لا يرى الكراهة في ذلك مستدلا بقوله تعالى )وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ( الآية 5 من سورة المائدة، أو قد يكون هذا الأجنبي من أهل الديانات غير السماوية، وهي الديانات التي وضعها البشر، كالوثنية والمجوسية والصابئة، فهؤلاء يحرم على المسلم الزواج منهم والدليل على تحريم ذلك هو قوله تعالى: )وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ( الآية 221 من سورة البقرة. ^ س: من خلال توضيحكم السابق فهمنا أن جواز الزواج بأهل الكتاب يتعلق فقط بالرجل المسلم وليس بالمرأة المسلمة؟ ج: نعم هذا خاص بالمسلم، أما المسلمة فإنه يحرم عليها الزواج بكتابي أو كافر أو مشرك بدليل قوله تعالى»وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا» الآية 221 من سورة البقرة ، وقوله» فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» الآية 10 من سورة الممتحنة. ^ س: لكننا نسمع عن ظاهرة زواج جزائريات بالأجانب، فما حكم ذلك؟ ج: نعم هذا صحيح، وليس فيه تناقض، فلفظة أجنبي لا تدل بالضرورة على كون الموصوف بها كافرا، فالأجنبي قد يكون من بلاد مسلمة، وزواجه بالجزائرية المسلمة في هذه الحالة جائز، وقد يكون هذا الأجنبي كتابيا أو وثنيا لكنه أعلن وأشهر إسلامه بعد دخوله إلى هذا البلد الطيب وأصبح بذلك مسلما، فجاز له هو أيضا التزوج بالجزائرية المسلمة، لأن قانون الأسرة في الجزائر يشترط في الزوج أن يكون مسلما، وهذا ما تضمنته المادة الثلاثون المعدلة منه. ^ س: كلمة أخيرة في هذا الموضوع، ونصيحتكم لشبابنا؟ ج: الواجب على كل مسلم تزوج بأجنبية ومسلمة تزوجت بأجنبي مسلم أن يكون دعاة إلى الإسلام من خلال معاملاتهما وحسن عشرتهما، فالذي لاحظناه من أجوبة معتنقي الإسلام من خلال الأسئلة المطروحة عليهم عن أسباب اعتناقهم هذا الدين الحنيف، كان جوابهم أن حسن معاملة الجزائريين لهم وطيبة أخلاقهم هي إحدى الأسباب القوية الذي دفعتهم إلى الإقبال على الإسلام والبحث عن حقيقته والقراءة عنه والدخول فيه بعد ذلك عن قناعة .