خلق الله الانسان وفضله على جميع المخلوقات وكرمه بالعقل الذي يفكر ويخترع وينتج به، ولكن بعض الأشخاص يتوجهون لاستهلاك كل أنواع مذهبات العقل من خمور ومخدرات وغيرها من الحبوب المهلوسة، التي ينجر عنها العديد من المشاكل الصحية والنفسية على مستهلكها وعلى محيط المتعاطين، وهو ما يؤكده الأستاذ عمر وهراني إمام مسجد القادسية ببئر الجير بوهران في مدح الله أصحاب العقول والألباب فقال سبحانه وتعالى :« إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»، حيث ان حفظ العقل هو من أعظم مقاصد الشريعة الخمسة والتي هي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض. فالشرع جاء لحفظ العقل ونهى عن الإخلال به، بل رتب العقوبة على ذلك فقد حرم الخمر وكل مسكر، ويدخل فيه المخدرات بكل أنواعها، وحكمة تحريمها هو ما فيها من المفاسد التي ذكرها الله في قوله سبحانه : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» فبين الله في هذه الآية مفاسد الخمر فهي رجس أي خبيثة مستقذرة وأنها من عمل الشيطان وأنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس وأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ومعلوم أن ترك الصلاة من أعظم المفاسد في الدين. وعن الشطر الذي يقول فيه البعض أن المخدرات ليست حراما ولا يوجد دليل على تحريمها فأجابنا الأستاذ «وهراني» أنها أشد خطرا من الخمر لأن العبرة بالمعنى لا بالمسميات، فقد نهى النبي عن كل مسكر ومفتر والمفتر هو ما يجعل الأعضاء تتخدر وترتخي وهذه العلة موجودة في المخدرات، كما أن قوله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ...» قال العلماء إنما سميت خمرا لأنها تخمر العقل وتستره وتغطيه والعاقل من الناس يرى أن ما تحدثه المخدرات أشد مما تحدثه الخمر، وقال تعالى:« وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ...» والعاقل من الناس لابد أن يضع المخدرات في صف الخبائث لا في صف الطيبات. وقال العلماء أن المخدرات تشتمل على ضرر في دين الإنسان وعقله، حتى جعلت خلقا كثيرا مجانين وأنها تورث مهانة آكلها ودناءة نفسه إلى غير ذلك مما لا تورثه الخمر ففيها من المفاسد ما ليس في الخمر فهي بالتحريم أولى وقد أجمع المسلمون على أن السكر حرام. أما زراعتها والمتاجرة فيها فقال عن حكمها الامام وهراني بأنه حرام باتفاق العلماء، فكل ما أدى إلى حرام فهو حرام ولهذا فإن أموال تجارة المخدرات محرمة وهي سحت. وأما عن أضرار المخدرات والتي هي أكثر من أن تعد وتحصى فقال عنها الشيخ وهراني أنها تضر بالدين، وتنسي ذكر الله تعالى وتضيع على صاحبها صلاته، كما أنها تذهب الحياء والغيرة والمروءة وتساعد على اقتراف المحرمات من السرقة و الفواحش والظلم والقتل وعقوق الوالدين. كما أن هناك أضرار بدنية واجتماعية فهي تفسد العقل وتجلب الأمراض وتحرق الدم وتفتت الكبد وتضعف البصر وتجلب الهم والوسواس وقلة الغيرة حتى يصير آكلها ديوثا. والمخدرات تفكك الأسر وتضيع الأموال ويفقد صاحبها القدرة على العمل والدراسة، وتكلف الدولة مبالغ هامة في محاربتها خاصة وأن اعداءنا في كل مكان يخططون ولا يسامون في ترويج هذه المخدرات كي يدمروا هذه الطاقة المتجددة في الشباب. وعن أسباب إنتشار المخدرات فيرجعه إلى انتشار الفقر والبطالة في المجتمع وخاصة بين الشباب، الذي لا يدرك أن من أعظم مخططات الصهاينة هو نشر المخدرات بكل أنواعها في أوساط المسلمين لتخلفهم حتى يكونوا في ذيل الأمم، إضافة إلى عدم مراقبة الأولياء لأبنائهم. وبالنسبة للطرق التي يمكن اتباعها للابتعاد عن مثل هذه الأمور الخبيثة وكذا مكافحتها يقول محدثنا هو تقوى الله تعالى والتوبة والإنابة اليه والرجوع إلى الكتاب والسنة ففيهما كل خير والمحافظة على الصلاة مصداقا لقوله تعالى: « إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ»، والتعاون على محاربة المخدرات بكل وسيلة شرعية، ومع الحكومات في ذلك لأن ضرر المخدرات عام فلا بد من التعاون العام ولابد من إرشاد المجتمع بكل فئاته عن طريق وسائل الإعلام بأن المخدرات سم قاتل، ولابد من توفير فرص العمل والدراسة ومحاربة البطالة والفراغ في أوساط الشباب. ولابد من تعريف الناس أن المخدرات من أعظم الذنوب وصاحبها ملعون ومن أهم العلاجات هو نشر الفضائل بكل انواعها بين الناس ومحاربة الرذائل بكل انواعها فإن الحسنة تلد الحسنة والسيئة تلد السيئة.