إن المتتبع لما يحدث داخل مجتمعنا من جرائم قتل و حالات انتحار التي تملأ صفحات الجرائد و تتصدر نشرات الأخبار في القنوات التلفزيونية ،يدرك أن هناك خللا كبيرا و عدم استقرار داخل مكونات المجتمع من أسرة صغيرة إلى عائلة كبيرة وصولا إلى المدارس و الشارع فكلها أصبحت تعاني الكثير و تشير إلى اضطرابات و عدم توازن العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد كيف لا ونحن نسمع كثيرا عن حالات انتحار ومحاولات انتحار يقدم عليها الأطفال والقاصرين والشباب من الجنسين وحتى ربات البيوت و الأمهات و الآباء ،ليس هذا فحسب بل إن ظاهرة خطيرة مثل الحرقة التي تدمي العائلات اتسعت دائرتها لتشمل النساء والشابات والأطفال وكذا الأمهات فضلا عن المراهقين والشباب حيث لا يزال نزيفها مستمرا ومتواصلا ،و لا يفوتنا في هذا المقام التذكير بل التأكيد على عوامل وأسباب اجتماعية و اقتصادية سحبت مجتمعنا نحو دائرة العنف ،و ألقت ببعض أفراده في نفق الجريمة الذي يبدأ ولا ينتهي بكل ما فيه من بشاعة و شر و فظاعة ،و أدخلتهم في حلقة مفرغة من الكره لمجتمعهم و التذمر و مشاعر أخرى سلبية جدا ،و الحديث عن الجريمة في بلادنا يفتح قوسا كبيرا على سلبيات كثيرة منها استفحال ظاهرة عصابات الأحياء ،و انعدام الأمن في بعض المناطق و التجمعات السكانية مما يسبب ظهور نقاط ساخنة وجيوب لانتشار الجريمة من سرق و اعتداءات وإدمان على المخدرات والأقراص المهلوسة و شبكة تهريبها وترويجها فضلا عن انحرافات أخلاقية فظيعة وشنيعة ،فالوضع الاجتماعي التردي الذي يعتبر الفقر والحرمان و التهميش و البطالة أحد أسبابه الرئيسية يشهد تفاعلات خطيرة وعميقة في بلادنا تنخر كيان المجتمع والأسرة و أسسه ،و تفكك العلاقات الطبيعة و تحدث فوضى عارمة ،و إلا كيف نفسر تفشي ظواهر مثل حالات انتحار الأطفال والمراهقين ،و كذا ما نسمع عنه من اختفاء و هروب الأطفال والمراهقين من منازلهم ،و يبقى الأخطر والأكثر فظاعة أن يرتكب و يتورط شباب ومراهقون في جرائم قتل أصدقائهم لأتفه الأسباب و تلك صورة جد سلبية و مؤشر خطير لحالة مجتمعنا حيث أصبحت أفظع جرائم القتل ترتكب لأهون الأسباب وبكل برودة دم و تكون الخسارة مضاعفة بفقدان المجتمع ضحايا تلك الجرائم وكذا مرتكبوها الذين يكون مصيرهم السجن و يصنفون في قائمة الأشخاص الخطرين بعد ضياع مستقبلهم وحرمانهم من فرصة حياة طبيعية .