فرضت منصات الإعلام الجديد تأثيرا قابلا للقياس على قطاع واسع من جمهور الإعلام الافتراضي الذي يمتاز هو الاخر بمزايا وخصائص عديدة ولعل الحيز الهام الذي أخذته منابر الإعلام الاجتماعي وما ينشر عبر مواقع التواصل من محتويات تأخذ أحيانا طابع " الإخبار " شكّل بالنسبة لوسائل الإعلام التقليدية بما فيها "الصحافة الورقية والاذاعة والتلفزيون " تحديا حقيقيا يواجه من خلاله القائمون على المؤسسة الإعلامية والممارسون لمهن الإعلام تحولا متسارعا في نشر الأخبار وتداولها عبر المنصات الإعلامية الجديدة التي تختصر الجهد وتقدم المحتوى الإعلامي التفاعلي بشكل جمالي وفني مصحوب بمؤثرات تقنية لها قدرة فائقة على الاستقطاب الجماهيري . ولعل استخدام ما يصطلح عليه بمنابر الإعلام الافتراضي الجديد في تحريك ما هو حدث سياسي هام تشهده الجزائر عبر الانتخابات التشريعية ومستوى التوظيف لدى الأحزاب والقوائم الحرة التي دخلت المعترك الانتخابي مازال بعيدا عن المهنية والاحترافية المطلوبة وذلك لاعتبارات موضوعية ، البارز فيها غياب التكوين المؤطر و الممنهج والمهني الفعال على الاستخدام النوعي للإعلام الافتراضي في تنشيط الحملات الانتخابية إذ يقتصر استخدام المترشحين دون أن أعمم في السياق على منصات الإعلام الجديد من مواقع للتواصل والاعلام الاجتماعي التفاعلي في صور نمطية لا تتغير وفي إيقاع ثابت يفتقر للرؤية و القدرة الإبداعية إذ لاحظنا فقط استعانة غالبية المترشحين بتسويق صورهم عبر صفحاتهم على "الفايسبوك " دون إضافة أي فنيات أخرى أو اعتماد استراتجيات إعلامية جديدة عبر المنصات الاتصالية والإعلامية الحديثة تتيح للمترشح أن يعبر عن برنامجه الانتخابي الذي يبقى كمعطى مغيبا في الحملة الانتخابية وطريقة إخراج اللقاءات الجوارية والتجمعات الشعبية وهي غائبة بالشكل المطلوب والغاية المنشودة تفتقر هي الأخرى للأداءات النوعية الإعلامية التي ترتكز على منصات اتصال جديدة وفعالة في الميديا الجديدة. ثم إن تحدي الفوارق التي يمكن أن تكون في استخدام الإعلام في شكله وكيانه التقليدي ومظهره الجديد الذي تعبر عنه المنصات الجديدة يتطلب دراسات مستفيضة تركز خاصة على هذا الاستحقاق الانتخابي وكيفيات استخدام كل من وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في الحملة الانتخابية التي تطغى عليها حركة الشخوص أكثر من أي أداء يؤطره الإعلام الجديد ليطرح ما هو قابل للتصنيف والتقييم مهنيا وسياسيا . ارتجال في استخدام المنصات لذا وانطلاقا مما تمت الإشارة إليه اعتقد صراحة ومن موقعي كباحث في الإعلام والاتصال وكاتب صحفي وخبير في الاتصال المؤسساتي أن استخدام الإعلام الافتراضي في الحملة الانتخابية لا يزال يحتاج إلى تأهيل مستمر للقائمين على منصات الاستخدام سواء من مترشحين أو مكلفين بمهام الاتصال والإعلام في شكله الجديد ، كما أن التكوين على تسويق الواجهة والبرامج الانتخابية وإخراج التجمعات واللقاءات الجوارية "علم يُطلب .." ولا يمكن أن يكون عملية متاحة للجميع إنّه مسار مهني احترافي علمي في أبعاده استراتيجي في حيثياته و تفاصيله و هذا ما يجب أن تدركه الأحزاب السياسية وقياداتها و المترشحين الأحرار أيضا الذين لاحظت في أداء العديد منهم ارتجالا غير محبذ في استخدام منصات الإعلام الجديد أثناء الحملة الانتخابية . من جهة أخرى يجب الانتباه إلى مسألة هامة في موضوع الاستخدام الخاص بوسائل الإعلام التقليدي والجديد في الحملات الانتخابية ، وهو مدى اهتمام وسائل الإعلام في الأساس بالحدث الانتخابي وزوايا المعالجة الإعلامية ومدى حضور الحدث الانتخابي في الأجندات الإعلامية و التغطية الصحفية الآنية والمستمرة إذ يمكن أن تحفز كثافةُ ما ينشر في وسائل الإعلام من أخبار عن الحدث الانتخابي المترشحين على الاعتماد على الإعلام في الترويج والتسويق لنشاطاتهم خلال الحملة الانتخابية . ان استخدام الإعلام الافتراضي لحد الآن وعلى أساس ما تم الإشارة إليه من ملاحظات عن الأداء في حركته الحالية و راهن العملية الاتصالية والإعلامية التي تنتهجها الفواعل السياسية والقوائم المترشحة مازال غير مؤطر بالشكل الذي يخدم نشاط المترشح ويقوي من قدرته على الاستقطاب والاتصال بالجمهور . لذا ما يجب أن يكون في الممارسة والأداء الذي يتصل باستخدام إعلام افتراضي يحتفظ بخاصية التفاعل ومساحة للتشارك مع الجمهور وجمالية المحتوى فنيا وتقنيا هو تكوين الكادر السياسي المؤهل على الاستخدام النوعي المحترف لهذا الإعلام الفعّال والمؤثر وذاك لارتباط العملية بأخلاقيات هامة تزن حساسية العملية السياسية والانتخابية وحدود توظيف الإعلام في حركة النشاط والحدث ثم التكوين على ممارسة إعلامية في هذا المجال تزن الموجود والمنشود.