« يُمكننا القول بأنه قد حان الوقت لنفكر جدياً في تغيير خارطة القطاع السياحي سواء بالجزائر أو بالعالم، بالأخص بعدما عشناه ولاحظناه بعد انتشار جائحة كورونا التي تركت أثراً بالغاً وجعلت الخبراء والمُختصين بهذا المجال يُعيدون النظر ويراجعون حساباتهم ، وهذا ما ستكشف عنه الأرقام والإحصائيات بالأيام القليلة المُقبلة. وإن عدنا للجزائر ونحن نحتفل باليوم الوطني للسياحة المصادف لتاريخ ال25 جوان من كل سنة اختارت وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و العمل العائلي لهذه السنة شعار : " السياحة الداخلية تحدي اليوم و رهان الغد " ، كما قام الديوان الوطني للسياحة بالجزائر بتنظيم مُسابقة وطنية تعنى بتشجيع الابتكار وروح المبادرة و الإبداع لدى الشباب و المؤسسات الناشئة ، ومست هذه المسابقة أيضا المدونين و الصحفيين و المُصورين و المؤثرين الاجتماعيين، و تُعتبر هذه التفاتة طيبة من الجهات الوصية لطالما تكلمنا عنها بالمُلتقيات الوطنية و الدولية وحتى برسالة الماجيستير وركزنا على ضرورة تشجيع المُبادرات الفردية بالأخص التي تتعلق بالترويج السياحي ونشر الثقافة السياحية و التركيز أكثر على إبراز ما تزخر به الجزائر من مقومات سياحية لاستقطاب السياح و رفع كفة السياحة الداخلية ، وهذا ما تقوم به معظم المجموعات الشبانية التي تنظم رحلات داخلية بمُختلف ولايات الوطن وبأسعار معقولة تنافسية ومعظمهم استعان بمواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك و الأنستغرام من خلال تخصيص صفحات ومجموعات للإشهار المجاني، وهذه نقطة جد إيجابية تدل على وعي ومسؤولية هؤلاء الشباب ورغبتهم في تغيير واقع السياحة ببلدهم . و الهدف الرئيسي بآخر المطاف كيف نحول الجزائر من بلد موفد إلى بلد مُستقبل للسياح مُستقبلاً كون صناعة السياحة فن يعتمد على " التخطيط و التسيير الرشيد "وهذا الأخير لا يُمكن تصوره دون منظومة إحصائية و إعلامية ورقمية ذات جودة تسمح بالإطلاع على كل ما يُمكن أن يُساهم في المعرفة ، إلى جانب تسجيلنا كباحثين لغياب نظام دقيق ومفصل للمعلومة الإحصائية وعدم إشراك المواطنين بقطاع السياحة الذي ساهم في إعاقة السير الحسن للمخططات السياحية، ناهيك عن الغلاء الفاحش وعدم توافق الأسعار مع الخدمات المقدمة للسائح المحلي أو الأجنبي ...ربما يُمكننا القول بأن جائحة كورونا فرصة يمكن استغلالها لتحفيز السياحة الداخلية بسبب غلق المجال الجوي وعدم استئناف التأشيرات وغيرها، لكن يبقى التحدي كبير في بناء خطة فاعلة لكسب رهان السياحة الداخلية لتصبح مستدامة و مطلوبة حتى بعد فتح الحدود و المطارات، وسط هذا الكم الهائل من الإغراءات و المنافسات بعالم السياحة .