دخلت أغلب ولايات الوطن في الحجر الصحي المنزلي الجزئي ، و لم يعد الجزائريّون يتهاونون في الإقبال على التلقيح و مع ذلك لا يزال عدد إصابات كورونا يواصل منحاه التصاعدي ، فقد بلغ أوّل أمس الثلاثاء الذروة بوصوله 1544 حالة من كوفيد و أخطر من ذلك عدد الموتى الذي يتزايد أيضا ، فالموجة الجديدة التي يسبّبها الفيروس المتحوّر دالتا أوقعت 24 وفاة عبر الوطن باعتبار هذا الفيروس أكثر فتكا من غيره و المصاب به ينقل عداوه إلى غيره حتّى قبل ظهور الأعراض عليه . الاختناق الكبير للمستشفيات و اللجوء إلى فتح أخرى عبر الوطن وتسخير كل المرافق الصحية إمّا لاستقبال المصابين أو التلقيح، قد يساهم في الحل والتقليل من الإصابات إذا التزم الجميع بالتدابير وأيضا بالحجر المفروض لمدّة عشرة أيّام. وإن كانت أرقام الجزائر تبدو منخفضة مقارنة بما يسجّل لدى جيرانها أو في الخارج عموما، إلّا أنّ الرقم يبدو مرتفعا مقارنة بما كانت تسجّله كورونا سواء في الإصابات أو الموتى خلال الموجة الأوّلى العام الماضي، وهذا ما يدفع الجزائريين إلى الخوف من مضاعفات الحالة مع ضرورة أخذ الحيطة اللازمة والخضوع لكل تدابير وإجراءات الوقاية و التوجّه إلى التلقيح الذي فتحت من أجله الدولة عديد المراكز الصحيّة و كيّفت مؤسسات تعليمية لاستقبال المواطنين الراغبين في التطعيم، خاصة انّ الأطباء وعمّال الصحّة عموما قد دقّوا ناقوس الخطر منذ أيّم و ظلوّا يحذّرون الجميع من عواقب موجة ثالثة لا ترحم وهي الموجة التي عرّف بها الانتشار الهائل و الخطير للسلالات المتحوّرة ، و التي كانت إلى وقت بعيد تبدو بعيدة عن الجزائريين الذين اعتقدوا أنّها مقتصرة على أوربا وآسيا . فالأطباء وعبر جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي شرحوا الحال وعرّفوا بالعواقب الوخيمة التي قد تصل إليها البلاد في حالة التراخي والتهاون في مواصلة الالتزام بتدابير الوقاية الصحية واحترام مسافات التباعد الاجتماعي، بعدم الإقبال على المناسبات الاجتماعية التي تزامنت مع حلول فصل الصيف وانتشار الوباء. وأمام هذا المشهد المعقد، ارتفعت مرّة أخرى أصوات الأطباء والمواطنين الواقفين على حالات ذويهم وأفراد عائلاتهم في المستشفيات والمعاناة الصعبة في البحث والحصول على الأوكسجين بضرورة فرض الدولة للحجر ومتابعة المخالفين للقوانين . إنّ تضاعف حالات المصابين في المستشفيات عقّد تسيير الأكسيجين و توزيعه و تقسيمه على المصابين، ما يعكس الخطورة الكبيرة التي تميّز الموجة الثالثة لهذا الوباء و في ظل أزمة الأوكسجين ، رغم ما تتكبّده الدولة من أجل إنتاجه أو استيراده بالإضافة إلى استيراد اللقاحات من أجل التطعيم ، فمعهد باستور اتّفق مع الشريك الصيني على توفير خمسة ملايين جرعة من اللقاحات شهريا ، مؤكدا نجاعة اللقاحات المعتمدة في الجزائر ضد المتحور «دلتا» بنسبة 100 في الوقاية من المضاعفات الخطيرة وبنسبة تصل إلى 75 بالمائة من العدوى، كما دعا ذات المعهد إلى ضرورة تلقيح 80 بالمائة من المواطنين لمحاصرة الوباء ، و هنا يبرز أيضا دور المواطن فهو أساسيّ في تجنيب نفسه و محيطه كارثة صحية مجهولة العواقب .