تسيير الجماعات المحلية أصبح اليوم يتطلب المزيد من الآليات القانونية العصرية التي تتساوق مع التطور الاقتصادي العالمي والمستجدات الوطنية والمحلية لكل ولاية وبلدية ذلك أن تقنيات التسيير العمومي ليست بمفهوم النظرة الكلاسيكية للأمور التي عادة ما ترتمي في أحضان البيروقراطية الخانقة و الزاحفة كالسيل الصامت الخافت الذي يجرف كل شيء في طريقه.. والمتضرر الأول من كل هذه المتناقضات يظل في المقام الرفيع المواطن الساعي والحالم بعيش كريم في بلديته أو ولايته.. المنظومة التشريعية سوف تتعدل لا محالة في الاتجاه السليم الذي يجنب البلديات والهيات المنتخبة كل عرقلة في الشأن العام وهذا ابتداء من قانوني البلدية والولاية اللذان كانا وما يزالان بيت القصيد في جميع المداخلات العامة والمتخصصة ففئة تطالب بإعادة النظر في المالية العمومية والنسق الشامل للتحصيل الجبائي وأخرى تناشد السلطات التغيير الجذري في الطرائق الإدارية لتسيير الموارد البشرية إن على الصعيد المحلي أم الوطني وهذا لعمري غيض من فيض لانشغالات مشروعة مازالت الدولة تلح على وجوب تكريسها عبر التعديلات المرتقبة في المستقبل القريب حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود في التسيير و تتوضح الأمور بشفافية اكبر.. وبالتالي لا مجال للعبث بالمال العام أو التسويف والمماطلة في حل المشاكل اليومية للمواطن وما أكثرها طبعا مع تنامي الحياة العصرية التي أحببنا أم كرهنا هي اليوم جزء لا يتجزأ من الواقع المعيش.. لقد رأينا كم هي جمّة المطالب الشعبية في جل جولات وصولات الحملة الانتخابية المنقضية والتي توجت بالمحليات للسابع نوفمبر التي كانت أمس نقلة أخرى في المسار المؤسساتي الوطني ضمن الإستراتيجية الشاملة لإرساء القواعد الأساسية للحكم المحلي الراشد الذي من المفروض أن يستدرك كل النقائص المسجلة ماليا وإداريا وتنمويا لعهود سابقة تركت بصماتها وخدوشها مثل الندوب يطول الوقت للتعافي منها .. فمهمة الاميار الجدد ليست سهلة فأي تسيير يقتضي المتابعة المستمرة والإخلاص اللازم والجدية والمثابرة خدمة للمواطن الذي هو مربط الفرس في كل خطة تنموية.. نعم أمامهم طرقات يجب أن تعبد وتهيئة عمرانية تستلزم إعادة النظر بناءات فوضوية ما انفكت تنمو كالطحالب وهلم جرا من المنغصات والمعوقات التي تستلزم الحركية الدؤوبة ليس فقط على الورق بل المشاهدة العينية لكل شاردة وواردة .. هذه هي المسؤولية تكليف وليس تشريف. فالشرف العمومي يفتك بالعمل والوطنية المحضة البعيدة عن المصالح الشخصية الظرفية والضيقة التي لم تجن منها بلادنا سوى الوبال والأسقام.. فمهما يكون الفائز أو لونه السياسي .. فالرابح الأكبر هو الوطن والوطن دون سواه..