رغم الجدل الكبير الذي سبق تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون والشكوك حيال تأجيل جديد أو إلغاء النسخة ال33 من فعاليات "الكان"، احتفلت القارة السمراء بمراسيم انطلاق البطولة رغم أنف المعترضين، وسط أجواء مميزة خالفت بعض التوقعات التي كانت ترى عكس ذلك، بل تحدت الكاميرون بقيادة نجم برشلونة السابق صامويل إيتو كل العراقيل التي حالت دون حرمان فقراء القارة السمراء من متعة "الكان"، حيث لعب الأسد الكاميروني إيتو الفخور بأصوله الإفريقية المتجذرة دورا كبيرا في الاحتفاظ بهذه النسخة على أرض "الأسود غير المروضة"، متحديا الفيفا والأندية الأوروبية التي رفضت تسريح المحترفين للالتحاق بمنتخبات بلادهم من أجل التحضير قبل دخول معترك المنافسة القارية، وكان فخر الأفارقة عند حسن ظنهم، عندما قال أن المونديال الأسمر لن يؤجله أحد وحتى المتحور "أوميكرون" لم يمنع الكاميرون من إقامة عرسها القاري بحضور نجوم القارة السمراء وجماهيرها، وبالفعل انطلق العرس الكروي بالألوان بإقامة حفل افتتاح مميز شهد عروضا متنوعة طبعتها الموسيقى الإفريقية وأسد افتراضي "هولوغرام" الذي رفرف على ملعب "أوليمبي" الذي كان ممتلئا بنسبة حددها المنظمون في إطار البروتوكول الصحي، ومن حيث المردود الفني للبطولة يمكن الأخذ بعين الاعتبار مباراة الافتتاح الذي جمعت منتخب البلد المنظم بنظيره البوركينابي معيارا لبقية المواجهات المرتقبة في دور المجموعات التي ستعرف مستوى راقيا بالنظر إلى القوة التي أبان عنها كل طرف في مباراة رفع الستار عن العرس القاري، مما يرجح كفة البقاء للأقوى في بقية الأدوار الإقصائية لهذه المنافسة التي ترتقي كل عامين إلى مستويات أعلى وأفضل من الطبعات السابقة منها، ويمكن اعتبار إقامة الطبعة ال33 من أمم إفريقيا انتصارا رياضيا ودبلوماسيا للقارة السمراء وللكاميرون، نظرا للعراقيل التي اعترضت المنظمين، ناهيك عن الضغوطات التي مارستها أندية القارة العجوز على منتخبات القارة السمراء والتي كانت في البداية مرتبطة بتأخر الكاميرون في استكمال جاهزيتها لاستضافة العرس القاري، في صورة كشفت أن "الكان" ليس لها أي وزن لدى الاتحاد الدولي، رغم ذلك تقام في ظروف استثنائية وسط اهتمام إعلامي عالمي كبير، ولعل ما سيحول هذه التظاهرة من مجرد بطولة قارية إلى حدث عالمي هام، لينقلب السحر على الساحر في هذه الحالة عكس ما كان يروج له بخصوص الإلغاء أو التاجيل أو عدم قدرة بلد إفريقي بتنظيم الحدث، في ظل انتشار الوباء ورفض القارة العجوز إقامة العرس في مواعيد لا تناسبها، ومن هذا المنطلق تحولت قضية "الكان" برمتها إلى مسألة كرامة قارة أمام القارات الأخرى.